الرئيسية / مقالات
ياسر، شربل، جوني، يوسف
تاريخ النشر: السبت 07/12/2019 09:58
ياسر، شربل، جوني، يوسف
ياسر، شربل، جوني، يوسف

رامي مهداوي
2019-12-07
أكتب لكم وأنا متواجد في برلين بمهمة عمل رسمية مع التعاون الإنمائي الألماني، وكأي فلسطيني عندما يسافر إلى أي دولة كان يبدأ الحوار الذاتي في عقله وبصمت: متى سنصبح مثلهم؟ لماذا نحن هكذا؟ أين نحن؟ وأين هم؟ ماذا ينقصنا حتى نتقدم إلى الأمام؟ وتبدأ المقارنات في كثير من القضايا والمواضيع، لتصبح الصورة سوداوية إلى درجة لا تطاق وربما تسقط دمعة خفية حارقة لا تريد لمن هم حولك أن يشاهدوها!!
لكن مع كل هذه السوداوية في اللوحة الفلسطينية، إلا أنه يوجد بصيص أمل، في ألمانيا رأيت الأمل من خلال أربعة شُبان فلسطينيين يشكلون نموذجاً لشبابنا في الخارج ولا نعرف شيئاً عما يفعلونه. نعم كل فلسطيني عبارة عن قصة قصيرة في داخل الملهاة الفلسطينية.
صديقي ياسر الشنتف الذي أعرفه فقط من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، سنحت لنا الفرصة لكي نتعرف على بعضنا البعض وجهاً لوجه، هو القادم من قطاع غزة، بالتحديد من مخيم الشاطئ، ليصبح ريادي أعمال ومؤسساً ومديراً تنفيذياً لشركة "فينكس بيرد" لإدارة التنوع.
شق طريقه بفكره العلمي ليتمرد على حالة الإحباط ويصل بسرعة فائقة إلى مرحلة بداية طريقه التي ستأخذه إلى عالم جديد. أستطيع وصفه بسفير الفعل الفلسطيني في برلين فهو يجيد العمل والتشبيك بالنتائج، ولا يضيع فرصة إلا ليتحدث بطريقته عن الملهاة الفلسطينية مع كل شخص يصادفه بلغة وأداء الكوميديا السوداء.
منذ أن سمعت كلماتهم الأولى بترحيبهم وطريقة عرضهم للشركة عرفت مباشرة أنهم فلسطينيون؛ لأنهم ما زالوا يحتفظون بلكنة أبناء الشمال الفلسطيني. شربل شوفاني من معليا وجوني خوري من فسوطة، بدآ من مرحلة الصفر في تأسيس شركتهم الخاصة، لتكبر شركة شوفاني خطوة خطوة ويصبح لها الآن مركز تدريبي مهني في مجال تخصصهم، وهو صناعة وإنتاج آلات تصنيع الملصقات المختلفة التي تضع على المنتجات الصناعية.
شربل وجوني بفكرهم الريادي استطاعا تحقيق إنجازات متتابعة بخطوات واثقة، والأهم بناء الجسور مع عدد من الشركات العالمية، بالتالي تواجدهما في مساحات جديدة في عالم الصناعة والاقتصاد، هو تواجد مهم ليس لهما فقط من منظور الأرباح والعائد المادي، بقدر ما أجد تواجدهما هو تواجد للنجاحات الفلسطينية الفردية التي يجب بناء قصص نجاحات أخرى عليها في مختلف المجالات الاقتصادية حتى لو كانت في مرحلة النمو.
هارباً من الحرب الأهلية اللبنانية دخل اللاجئ الفلسطيني إلى مستنقع دموي أكبر قبل 40 عاماً متمثلاً في مستنقع الانقسام الألماني" الشرقية والغربية"، لكن تجربة يوسف حجازي في بيروت جعلته أكثر قوة وصلابة من أجل تحقيق حلمه في الدراسة للحصول على شهادة الهندسة.
اشتغل يوسف مباشرة بعد تخرجه في إعادة تصاميم وترميم العديد من المباني والمنشآت الحكومية التي دمرت أو أرادوا إعادة بنائها. أول خطوة خطاها بعد حصوله على الجنسية الألمانية ذهب إلى مسقط رأس والديه وأجداده عكا. ليس هذا فقط، وإنما أخذ ويأخذ أبناءه بشكل دائم إلى الوطن ليتعرفوا على أهلهم وحقهم السليب وعلى جذورهم التي تعزز حتى وجودهم خارج البلاد.
بينهم جميعاً_ ياسر، شربل، جوني، يوسف_ عوامل كثيرة مشتركة، لكن أهم مشترك هو حبهم لبلدهم البعيد عنهم القريب إليهم، حبهم في إثبات الكينونة الفلسطينية وحيويتها في مختلف المجالات، بالتأكيد من أمثالهم هناك الكثير الكثير الذين لا نعرف عنهم شيئا، وأعتقد أنه آن الأوان لإعادة تجميع طاقات شعبنا المشتتة، وكما قال لي صديقي ياسر الشنتف: علينا إعادة تغيير الجينات من أجل مواجهة التشوهات التي حدثت في الجسد الفلسطيني حتى تستطيع القضية الفلسطينية النهوض من جديد على كافة الأصعدة.
 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017