مع أواسط إنتفاضة الأقصى الثانية أطّل إلى النور تشكيل عسكري يُطلق على نفسه إسم "كتيبة المجاهدين"، على يد الشهيد عمر أبو شريعة المعروف في غزة بإسم "أبو حفص"، وأبو شريعة كان أحد نشطاء حركة فتح وشارك في عسكرة الإنتفاضة ببداياتها مع الشهيد جهاد العمارين "أبو رمزي" أحد مؤسسي كتائب شهداء الأقصى، وعقب إستشهاد أبو رمزي، شكّل عمر أبو شريعة "كتيبة المجاهدين" والتي كانت تضم في معظم عناصرها نشطاء يتبعون لحركة فتح، وإستمر عمله ضد الاحتلال الاسرائيلي حتى إصابته عام 2006، ليرتقي شهيدا أثناء تلقيه للعلاج خارج الوطن بعد إصابته بحوالي 4 شهور.
وفي بدايات إنطلاقة الكتيبة بدت معالم حركة فتح واضحة فيها، فشعارها يشبه نوعا ما في حدوده شعار كتائب شهداء الأقصى، ومن المعروف أن أي تنظيم فلسطيني جديد يحاول الإبتعاد عن الأمور المتشابهة ويرسم شعارا جديدا مميزا له.
لكن عقب إستشهاد مؤسس الكتيبة أبو حفص لم تدم "كتيبة المجاهدين" على حالها، فسرعان ما تغيّر المسمّى إلى "كتائب المجاهدين" وفيما بعد جرى تصنيفها كجناح عسكري مستقل بذاته وإعتباره الجناح المسلح الرسمي لحركة المجاهدين الفلسطينية، وحاليا يتولى أسعد أبو شريعة الملقب بـ "أبو الشيخ" مسؤولية الأمانة العامة لحركة المجاهدين الفلسطينية في غزة، وأبو عمر الناطق الرسمي بإسم الكتائب.
رغم حداثة سنّها وإنخفاض عدد مقاتليها وضعف أدائها الإعلامي، مقارنة بكثيرٍ من الفصائل المسلحة في غزة، إلا أنها لم تراوح مكانها، ولم يعد عملها يقتصر كغيرها من الفصائل الفلسطينية سابقا على دك المواقع المحيطة بقطاع غزة بقذائف الهاون، بل إستطاعت "كتائب المجاهدين" في المعركة الحالية تطوير قدراتها وإمكانيتها، ففي أحد الفيديوهات يظهر مُقاتلون يتبعون لها في إحدى التدريبات العسكرية وهم يمتشقون بنادق مخصصة للقنص.
على صعيد المعركة الحالية 2014، أطلقت كتائب المجاهدين مرتين قذيفتين صاروختين من طراز "سعير" تجاه موقعين تابعين للإحتلال قرب تخوم غزة، وبالنسبة لـ"سعير" فتقول الكتائب عبر إعلامها الحربي أنه من إنتاج محلي، وفي الفيديوهات الخاصة به تتضح أن من مواصفاته وجود ردة فعلٍ قوية له (يهتز جسد حامله أكثر من RBG فور إطلاقه)، وبحسب الاعلام الحربي فإن "سعير" دمر غرفة عمليات في موقع "ملكة" الاسرائيلي قرب قطاع غزة إضافة لضربه على موقع آخر.
أما بالنسبة للقدرات الصاروخية لكتائب المجاهدين خلال 2014 فإنها تمتلك صواريخ أرض جو من طراز "سام" وقالت أنها أسقطت طائرة إستطلاع بواسطة "سام"، ويُذكر أن هذا الصاروخ مستورد وليس من صنع محلي، إضافة لذلك فقد أفادت الكتائب بإصابة طائرة حربية أخرى بنفس طراز الصاروخ.
ومن خلال المتابعة للوسائل الاعلامية المختلفة فإن أياً من الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية لم يُعلن عن إستهداف أي بوارج أو زوارق بحرية اسرائيلية، إلا أن كتائب المجاهدين أعلنت في السابع والعشرين من تموز الجاري عن إطلاقها صاروخاً موجهاً نحو زورق بحري اسرائيلي في بحر غزة غرب مخيم الشاطئ بعد رصد الزورق ومتابعته – بحسب بلاغ عسكري لكتائب المجاهدين- ولم تكشف الكتائب عن نوعية ذلك الصاروخ.
على صعيد الصواريخ نحو البلدات والمواقع الاسرائيلية، فإن كتائب المجاهدين حديثة السن تركز قصفها على المواقع والمستوطنات المحيطة بغزة أو ما يطلق عليه "مستوطنات غلاف غزة" فدكّتها بعشرات الصواريخ خلال أسابيع المعركة الحالية 2014، ومن خلال المتابعة يتضح أن الكتائب إستخدمت أنواعا متعددة من الصواريخ هي: "حفص المطور"، "107"، "كاتيوشا" ، إضافة لـ "غراد"، وحازت صواريخ الـ "107" على نصيب الأسد من الوجبات الصاروخية التي أطلقتها كتائب المجاهدين.
وحول صواريخ الـ "107" فلا يُعرف حتى الآن إعلامياً ماهية هذه الصواريخ ومن أي تراكمات صناعات سابقة نتجت ربما، أو حتى صانعها ومبتكرها الأول، نظراً لإمتلاك كافة الفصائل المسلحة الفلسطينية هذه الصواريخ دون إستثناء، لكن ما هو مسلّم به أنها – أي 107- لا تصل سوى لمسافات قصيرة المدى وتضرب بها المقاومة الفلسطينية غلاف غزة، وتجمعات الجنود على بعد أمتار من غزة، إضافة للحشودات العسكرية من آلياتٍ وجرافات وما إلى ذلك.
أما بالنسبة للـ"الكاتيوشا" فمن خلال متابعتي المتواضعة لم تُطلقها سوى كتائب أبو علي مصطفى، وكتائب المجاهدين، وكتائب الناصر وكان إطلاقها بوتيرة منخفضة ليست كبقية الصواريخ محلية الصنع، وأطلقت كتائب المجاهدين عدداً من قذائف الـ "RBG" أيضا حسب بلاغات عسكرية صادرة عنها على الموقع الالكتروني لها وللحركة التي تمثلها – حركة المجاهدين الفلسطينية".
كتائب المجاهدين زفّت حتى اللحظة ستة من مقاتليها شهداء، بينهم مسؤول بارز في الإعلام الحربي كما تقول بيانات الكتائب خلال الأيام الماضية.