العدوان على غزة ...الاسباب ...الاهداف...و النتائج... بقلم سامر عنبتاوي
اكثر من ثلاثة اسابيع مرت على هذه الحرب التي اقل ما توصف به انها غير اخلاقية تحمل كل الحقد و الدموية السافرة ضد شعب يريد حريته و استقلاله و يريد الخلاص من الاحتلال ...و مورس في هذه الحرب ابشع انواع الظلم الجماعي من قتل تخصص في الاطفال و من هدم و حرق و تدمير ...لم تضبطها اي ضوابط و لم يمارس ( العالم الحر) اي ضغوط حقيقية على دولة الاحتلال من اجل لجمها و كبح عدوانها الدموي ...فما هي الاسباب التي استدعت هذه الحرب و ما الاهداف الموضوعة لها ( المعلنة) و الضمنية ..ثم ما هي النتائج حتى الآن و ما النتائج المتوقعة مستقبلا ...هذا ما احاول التعرض له ...
الاسباب...و الاهداف
لا شك ان من بدأ هذه الحرب العدوانية هي دولة الاحتلال متذرعة ( بخطف و قتل ) الاسرائيليين الثلاث ..و بعد ان عاثت في انحاء الضفة قتلا و هدما و اعتقالا و اجتياحا...صوبت ترسانتها ضد قطاع غزة بدئا بالهجمات الجوية ثم التلويح و البدء في الحرب البرية ...لماذا هذه الحرب المجنونة و هل اعدت لها دولة الاحتلال الاعداد المطلوب و هل توقعت هذه المواجهة و الاعداد و الجاهزية من المقاومة في غزة ؟؟
لقد بدأت دولة الاحتلال هذه الحرب لاسباب و اهداف كثيرة و معقدة و متداخلة و من اهمها :
-لقد سعى الاحتلال لسنوات طويلة لتكريس الفصل التام بين الضفة و القطاع جغرافيا و اداريا و سياسيا و حاولت منع اي تواصل سكاني بهدف عزل غزة و الانفراد في الضفة ...و بعد الاعلان عن اتفاق الشاطيء وتشكيل حكومة التوافق الوطني و بدء الاعداد لانتخابات رئاسية و تشريعية و برغم كل المعيقات لانجاز المصالحة الا انهم جن جنونهم و ارادوا فعلا قتل الوحدة في مهدها و خير و سيلة بالنسبة لهم هي حرب دموية تقسم المواقف و تشكل سببا لكيل الاتهامات و تحميل المسؤوليات كل طرف للآخر مما يترك اكبر الاثر على الوحدة ...و سنعرض الى اذا ما حققوا هذا ام لا ضمن النتائج .
-تنامي القوة العسكرية للمقاومة بكل تشكيلاتها في قطاع غزة و عدم وجود معلومات استخبارية كافية لدى الاحتلال عن حجم و فاعلية ترسانة الاسلحة فارادت تقليص القدرة العسكرية الى حدود ادنى من خلال الحرب .
-الوصول الى الانفاق و تدميرها و اضعاف القدرة الصاروخية و تدمير منصات الاطلاق و قد دخل نتنياهو الحرب بوعودات لشعبه بصفر صواريخ و انفاق.
-اظهار ان هذه المعركة هي بين دولة الاحتلال و (حركة حماس) و التصوير للعالم ان حربهم هي مع ( حركة ارهابية) و انهم يحموا (مواطنيهم) و حدودهم و ان حربهم هي ضد الارهاب و هم اجتهدوا لشيطنة الحركة و من ثم شيطنة القطاع بالكامل كونه يدار من قبل حماس تسهيلا لتقبل العالم للهجوم عليه بكل وحشية.
-عزل قطاع غزة بالكامل و اخراجه من معادلة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي و وضعه ككيان معزول و منبوذ و الانفراد بالضفة تقطيعا للاوصال في كانتونات و تمهيدا و ضما و تهويدا و تفريغا لاكبر نسبة من السكان و بالتالي الاجهاز على المشروع الوطني الفلسطيني.
-اعادة الثقة لدى الاسرائيليين بحكومتهم بعد بدء التصدع في التحالف الحكومي و استدعاء الدعم لرئيس الحكومة نتنياهو و توحيد الناس حول مبدأ ( الدفاع عن النفس) و محاربة ( الاعداء) .
- استغلال حالة الفوضى في المحيط الاقليمي بما يحتويه من قتل و فوضى و تشريد و تشكيل لدول طائفية ظنا من دولة الاحتلال بقدرتها على القتل و التشريد ضمن هذه المعادلة .
هذه كانت اهم الاسباب و الاهداف الكامنة وراء هذه الحرب فما هي النتائج التي تحققت حتى الآن و ما هو مستقبلها؟؟
لم تحقق دولة الاحتلال اي من اهدافها المعلنة و الضمنية ..بل على العكس فقد تكسرت جميع الاهداف امام صمود المقاومة و فشل كافة المخططات و تخبط القيادة السياسية و العسكرية بل تعارضهما و كيل الاتهامات بينهما ..
فبدلا من تقسيم الشعب فقد تحقق للفلسطينيين :
-استعادة ثقة الشعب في نفسه و قدراته على مواجهة المحتل ,, و تزعزعت بشكل كبير الفكرة القائلة بان دولة الاحتلال قوية لا تهزم الى (دولة) يمكن تمريغ انفها بالتراب.
-بدل من الفصل التام بين الضفة و القطاع و خلق النزاع بين الفصائل و شيطنة حماس و قطاع غزة فقد تجلت وحدة ميدانية بين كافة القوى في مشهد غير مسبوق كما تجلت وحدة وطنية شاملة.. و هبت الضفة دعما و مساندة لاهلهم في غزة .. و استجابت القيادة الفلسطينية للارادة الشعبية و اعلنت دعمها لحق الشعب في مقاومة الاحتلال.
-بدل من خلق فجوة بين الشعب و المقاومة ..اصبح هناك التفاف شعبي كبير حول المقاومة بكافة اشكالها و اصبح الشعب حاضنا للمقاومة و تعززت الثقة بها و القناعة بان هذا الاحتلال يقاوم و لا يفاوض و بائت كل محاولات الاحتلال الدموية من خلال القتل الجماعي للاطفال و النساء من اجل كسر الحاضنة الشعبية للمقاومة بحجم الدم و الالم ..بائت بالفشل و اصبحت نداءات اهالي الشهداء و المشردين و المهدمة بيوتهم تنادي بعدم هدر التضحيات و الثأر و الاستمرار بالمعركة حتى تحقيق المطالب بفك الحصار و وقف الاعتداءات و اعادة الاعمار و اطلاق الاسرى و غيرهم من المطالب.
-تهتكت سمعة دولة الاحتلال في العالم و اصبحت جرائم الحرب و الجرائم ضد الانسانية على مرأى من الجميع ..و قرب من امكانية المقاضاة الدولية لقادة الاحتلال على هذه الجرائم.
-لم تستطع دولة الاحتلال تدمير القدرة الصاروخية و لا هدم الانفاق و لم تحقق ما وعدت الشعب به و بالعكس فقد منيت بخسائر جسيمة في الميدان قبل الدخول في الحرب البرية و بقيت كل الاراضي تحت مرمى صواريخ المقاومة و قدرت الخسائر المادية بالمليارات و بات الملايين بالملاجيء و اغلق المطار و تراجعت السياحة .
-ازداد التصدع الحكومي و كيل الاتهامات و اتسعت الجوة بين القيادة العسكرية و السياسية حتى بلغ الامر طلب القيادة العسكرية من نتنياهو اما وقف الحرب او تحديد اهدافها .
-بدل شيطنة حركة حماس و غزة فقد اتضحت للعالم ان هذه الحرب هي ضد الشعب الفلسطيني و ليست ضد حماس و بدلا من ظهور حماس و حركات المقاومة كارهابيين ظهر ارهاب الدولة المنظم في العدوان الوحشي على الاطفال و النساء و الممتلكات .
-بدل عزل قطاع غزة تجلت و حدة شاملة للشعب الفلسطيني في الضفة و القطاع و داخل الخط الاخضر و في الشتات.
-اصبح من يركض و راء وقف لاطلاق النار و استجداء الخروج بماء الوجه هو من قبل الاحتلال محاولين جاهدين ايهام شعبهم بتحقيق بعض الاهداف ..الا ان كل هذه المحاولات بائت بالفشل و اصبح صمود القطاع شعبا و مقاومة و تمسكهم بمطالبهم اسطورة ينظر اليها الكثيرين بالاعجاب و الدعم.
ان دولة الاحتلال و منذ العام 2006 و حتى اللحظة لم تستطع تحقيق اي انتصار او تحقيق للاهداف في كافة حروبها و في كل مرة تصبح الامور اكثر صعوبة و تعقيد لهم ...نعم يستطيعوا ان يقتلوا المدنيين من اطفال و نساء و تدمير البيوت و المساجد و المستشفيات ..و لكنهم لن يستطيعوا ابدا كسب الحرب او هزيمة شعب آمن بحقوقه و ناضل من اجلها و لن يستطيعوا تحقيق اهدافهم في هذه الحرب او غيرها ..وما لم يعطوا الشعب الفلسطيني حقوقه التي كفلتها لهم الشرعية الدولية و ذلك هو العدل النسبي ...فان حروبهم و اعتدائاتهم لن تجرهم الا الى الهزائم المتتالية حتى يفقدوا كل شيء .