الغالبية الساحقة من البنود هي في مكانها الصحيح و تعبر عن نتاج تطور المجتمعات في مكافحة التمييز و العنف ضد المرأة بكافة اشكاله ، و هنا فإن المشكلة لا تتمحور حول الاتفاقية و تبنيها أو معاداتها ، و إنما تتمحور في امرين اساسيين ...
اولهما : أن الاتفاقية كان يجب اقرارها من المجلس التشريعي بعد نقاشات و استشارات للخبراء و المجتمع المدني و مكونات المجتمع كافة ، و في غياب المجلس بسبب الانقسام تم اقرارها و بدون قراءة و بدون تحفظات .
ثانيهما :أن هناك بنود قليلة كان يجب التحفظ عليها و ارجاعها للحوار الداخلي و تحديد الموقف منها لأنها قد تعارض دينيا و قيميا ، و منها بعض البنود الفضفاضة التي تسمح و سمحت بدخول مواقف متطرفة تحول الاتفاقية بكاملها الى قفص الاتهام .
يجب ان لا يحول الموضوع الى هل أنت لست مع وقف الانتهاكات أم معها ، و انما المنطق يقول ، نعم مع الاتفاقية في غالبية بنودها و هناك تحفظ مرده ديني و مجتمعي و قيمي يجب أن يحترم و هذا ما تم تجاوزه .
وصلنا إلى مرحلة تم التوقيع فيها و صعب التراجع ، و ادخل المجتمع المحلي في إرباك و جدل يطال مفاهيم و قيم ، و المؤيدون للاتفاقية و المعارضون لها في حالة استقطاب و جذب ، و لجنة الاتفاقية و القائمين عليها يضغطون لتطبيق بنودها ، و المبالغون في الليبرالية و العلمانية يريدونها دستورا ، و المتشددون يرونها كفرا ، و بذا دخلنا حلقة خلافية جديدة و حرجة لأنها تلامس المعتقدات و الكل يحاول استغلال التفاسير ليجيش مع أو ضد ، و البعض ذهب إلى نعت المجتمع المتحفظ عليها بالرجعية و التخلف ، و بالمقابل ذهب البعض الآخر للتكفير و الزندقة ، و كلاهما مخطيء ، نعم للتطور المجتمعي و نعم لحقوق المرأة و تخلصها من كافة أشكال الإضطهاد ، و في نفس الوقت نعم لإحترام قيم و معتقدات و مفاهيم المجتمع .
إن الخروج من هذه الحالة يتطلب مراجعة الاتفاقية و فتح حوار مجتمعي حولها ، و الأهم عودة التشريع من خلال مجلس تشريعي منتخب يمثل الشعب و يقرر بالأغلبية الوجهة و التعامل مع الداخل و العالم .
سامر عنبتاوي
20-12-2019