الأسير وجدي جودة
عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
سجن النقب الصحراوي
قال "لا يمكن"، لكل شيء يقف بينه وبين ذاته، خشية أن يضيع المبدأ في زحام التنازلات وبين دفّات المساومة.
صدقي المقت .. الرفيق المناضل .. مانديلا سوريا الحر .. الشريك الحقيقي للحلم بالتحرير دون التفريط، صاحب الكلمة التي لا ولم تتجزأ.
فاوضوه على حريته المشروطة بالإبعاد عن بلده المحتل، فلم يتخلَّ، ولم تهن عليه أعمار رفاقه التي ذهبت في سبيل التحرير، ولم يعتد تقديم التنازلات ليمجد ذاته أو يرّفه عن نفسه بالحرية المزيفة التي قدمها الاحتلال له.
ذكرى رفاقه الشهداء سلطان الولي وهايل أبو زيد، اللذان نهش المرض أجسادهما وأنهاها حتى بعد تحررهما، بسبب الإهمال الطبي لهما في الأسر، والحياة المزرية التي يعيشها الأسير داخل المعتقل؛ حفرت العقل وأوجعت القلب، كلما اشتعلت الروح حنيناً للخارج دقت ناقوسها.
ذهابه إلى دمشق كان الخيار الأسهل والأشهى، حيث يكن ما يريد، لكنه رفض رفاهية الإبعاد إلى الجزء الأخر من وطنه سوريا، وفضّل على ذلك الاشتباك من داخل الزنازين.
بإرادته لا بإرادة الاحتلال، بقي ابن الجولان السوري المحتل في دائرة الاشتباك وساحة المواجهة مع الاحتلال، مدركا الهدف الأبعد الذي يرمي إليه الاحتلال من قرار الإبعاد، والذي يفضي إلى إنهاء التأثير المستقبلي للمقت في ساحة الجولان المحتل، مدركا حجم قدرته على خلق بيئة حقيقية للمقاومة والعمل الكفاحي.
رغم توقه ذو الحكم المؤبد لهواء دمشق العريقة، رفض أن يدخلها حاملا عبء التنازل ليكون من جديد على ناصية الكفاح، متشبثا بإيمانه القديم بالحرية والنصر.
صدقي المقت، رفيق من رفاق الثورة والكفاح، مثالٌ للكلمة الواحدة ومن الرجال القلائل وأصحاب اليد النظيفة، ممن لم تلطخهم المهادنة مع المحتل، ومن الرموز العربية ذات الخطوة الثابتة.
رفيقي صدقي المقت ابن مجدل شمس في الجولان السوري المحتل .. عهدا وتبجيلا لكل ذكرى صغيرة كانت أو كبيرة عاشت فينا داخل الأسر.. كل الأوقات العصيبة والمشاعر الموجعة، وبالرغم من لحظات حاصرتنا باليأس أو الضيق .. عهدا لكل ملامح الفرحة مع كل خبر جميل يأتينا من خارج الأسر.. عهدا رفيقي سيبقى الأمل فينا بالتحرير والعودة إلى أوطاننا أحرارا ما بقيت الروح وما فني الجسد.
تحية مفخرة وعز لفلسطين وللجمهورية العربية السورية ولاّدة الأبطال، ولكل الأحرار أصحاب المواقف الثابتة.