يبدو أن "الرمزية المُتناقلَة" لدى حركة حماس وعناصرها ونشطائها أصبحت أسلوباً مُنتهَجاً، وكذلك مقاتلي جناحها العسكري، فليست فقط رموز صواريخها التي ظهرت حديثا تدل على هذا الأسلوب، فكوفية "أبو عبيدة" الحمراء لها جذور!.
أول من إرتدى الكوفية الحمراء هو القائد في كتائب القسام الشهيد عماد عقل في غزة في بدايات سنوات التسعينيات، وعقل أو "الملثم ذو الأرواح السبعة" كما أطلقت عليه دولة الإحتلال آنذاك، هو مقاتل شرس من كتائب القسام نفذ عشرات عمليات إطلاق النار مع البدايات الأولى للعمل العسكري لحماس، وإستمر على رأس قائمة المطلوبين مُطارداً دون أن تعثر عليه دولة الاحتلال.
وبدأ "الملثم ذو الأرواح السبعة" عملياته بالسكاكين، وشنّ حرباً ضد عملاء الإحتلال في مستهل مشواره، ثم إنتقل لمقارعة جنود الإحتلال وضباطه بسلاحٍ تقليدي أشتهر به بغزّة من طراز "كارلو غوستاف" ونفذ به عملية إطلاق نارٍ شهيرة ضد قائد الشرطة في غزة الجنرال يوسي آفني ، وإعترف الإحتلال بإصابة المركبة التي ترافقه والتابعة لجهاز الشاباك ، ثم تطور تدريجيا للأسلحة الأوتوماتيكية، وإنتقل فيما بعد من غزة للضفة عبر حاجز بيت حانون "إيرز"، وشكّل في الضفة خلايا جناح حماس العسكري، وشرع بتنفيذ عدد من عمليات إطلاق النار وخاصة في منطقة الخليل إضافة للتخطيط لإختطاف إسرائيليين بهدف التبادل، ثم عاد الى غزة متنكراً في زي مستوطن لإستكمال عملياته، وإختتم مسيرة حياته الطويلة شهيداً بعد تنفيذ عشرات العمليات المسلحة في غزة والضفة.
ويُشتهر عماد عقل بكوفيته الحمراء في لقطات فيديو تم بثها خلال التسعينات، حيث يظهر ملثما بالكوفية في أحد الفيديوهات المرئية يتوعد رئيس حكومة الإحتلال "رابين" ويقول له متحدياً: "نحن سنخطف متى نشاء، وسنقتل متى نشاء"!، وختم حديثه بسؤال "رابين": "كيف تستطيع منع شابٍ يريد أن يموت من الموت"؟! في إشارة إلى السخرية من "رابين" والتأكيد على إستمرار مقاتلي حماس وإستشهادييها في تنفيذ العمليات العسكرية ضد الاحتلال.
الشهيد يحيى عيّاس "المهندس" الذي تبِعَ مرحلة ما بعد عقل له صورة فوتوغرافية يرتدي فيها الكوفية الحمراء لكن ليس في أسلوب اللثام كما عقل.
بعد إستشهاد عماد عقل أيضاً ظهر القائد العام للقسام محمد الضيف والمعروف بإسم "أبو خالد" ملثمّاً بكوفية حمراء خلال مقابلة مع قناة الجزيرة الفضائية عبر برنامج "في ضيافة البندقية" وبالتحديد في عام 2004، حيث تُظهر لقطات الحلقة المسجلة الضيف أمام إمام إحدى بيّارات الحمضيات ومن حوله مُقاتلون إثنين من كتائب القسام جناح حماس العسكري.
اما أبو عبيدة فقد ظهر بكوفيته الحمراء لأول مرة، كناطق بإسم القسام عقب عملية أسر الجندي جلعاد شاليط عام 2006.
وبالنسبة لمسافة الصفر أو نقطة الصفر والتي بدأت تتردد في وسائل الإعلام الفلسطينية وتتناقلها عن البلاغات والبيانات العسكرية الخاصة بالعمليات التي ينفذها جناح حماس العسكري ضد جنود جيش الإحتلال فقط، خلال ما أُطلقَ عليه إسم "معركة العصف المأكول" في عام 2014، فيُمكن إعتبار الشهيد عماد عقل أيضا صاحب مبدأ "نقطة الصفر" وإنتشر المبدأ أو المصطلح بعد عملياته، فمن المتعارف عليه أن الشهيد عقل يمتلك جرأة في تنفيذ عملياته، حيث كان ينفذ الأغلبية الساحقة من عمليات إطلاق النار الخاصة به من مسافة لا تزيد عن عدة أمتار قليلة فقط "نقطة الصفر"، وهذا سواء كان يُطلق النار من مكان ثابت "على الأرض" على هدف متحرك "مركبة"، أو من مكان متحرك "مركبة" على هدف متحرك "مركبة"، كان يُطلق النار من على بعد أمتار قليلة فقط.