د. خالد معالي
سلمت تركيا السلطة الفلسطينية نسخة من الأرشيف العثماني القديم، بهدف الضغط على سلطات الاحتلال التي تنهب الاراضي بلا حسيب او رقيب، وتريد ضم الاغوار ومنطقة "ج" التي هي عبارة عن ثلثي مساحة الضفة الغربية.
صحيح ان الارشيف العثماني قديم ولكن الاحتلال بالمحصلة يخشى اي صيحة عليه، ويعتبر اي دليل على عدم شرعيته يجب ان يحارب ويلاحق ولا يعترف به، ومن هنا فان اي حركة او فعل او اي عمل يربك الاحتلال فلا ضير منه، وسيصب في صالح الفلسطينيين بحكم وقوعهم تحت الاحتلال ويريدون اي دعم لقضيتهم.
غير دقيق زعم من يقولون ان الارشيف لا يقدم ولا يؤخر، حيث سيساعد في اثبات ملكية الأراضي التي استولى عليه الاحتلال، وسيفيد الباحثين في التاريخ، وتقديم اوراق ثبوتيه امام المؤسسات الدولية ومجلس الامن والامم المتحدة تحرج الاحتلال، وتجعل مزاعمه باحقيته في الملكية هباء منثورا.
صحيح انه مع انتهاء الحكم العثماني والنكبة ما بين اعوام 1917 – 1948 تغيرت ملكية الأراضي بشكل كبير بيعًا ووراثةً، ولكن ذلك لا يعني ان ملكيتها تحولت للاحتلال، والذي هو بحسب القانون الدولي محتل وغاصب.
معالجة السلطة الفلسطينية لموضوع الاراضي عبر الطرق الدبلوماسية، وفضح الاحتلال في مؤسسات المجتمع الدولي من مجلس امن ومحكمة الجنايات الدولية، والامم المتحدة، لا ضير فيه ، ولكن لا يصح ان نضع كل البيضات في سلة المجتمع الدولي الذي لن يكون ملكا اكثر من الملك نفسه.
جزء من المعركة مع الاحتلال هو القانون الدولي والمجتمع الدولي، والمؤسسات الدولية الاخرى، لكن هناك جزء اهم من كل ذلك وهو الصراع على الارض مباشرة، وهنا اكتفت السلطة بالمسيرات السلمية الشعبية التي لم تنجح في وقف او الحد من الاستيطان او حتى منع بناء شقة استيطانية واحدة.
من مكر ودهاء الاحتلال انه يسمح احيانا باستعادة جزء يسير من اراضي مسجلة ضمن الطابو العثماني او الاردني، ليقول للعالم ان ما يقوم به ضمن القانون بدليل انه ارجع اراضي اثبت اصحابها ملكيتهم لها، في محاولة لتضليل المجتمع الدولي لشرعنة استيطانه واغتصابه للارض الفلسطينية التي لا يجيزها القانون الدولي الانساني.
من اساليب الاحتلال لسرقة الارض ما يعرف بقانون "أملاك الغائبين"، اي ان صاحب الارض وهو هنا اللاجئ غائب عن ارضه وبالتالي يقوم الاحتلال باستنزافها، ومصادرتها وسرقتها جهارا نهارا بحجة القانون "الاسرائيلي" الذي هو من صنع يديه وعلى مقاسه.
مطلوب من الفلسطينيين حماية اراضيهم بكل الطرق والوسائل والتي من بينها حمايتها بالطابو، واستخدامها وزراعتها من قبل الفلسطينبن مهما كانت نائية وقريبة او بعيدة عن المستوطنات القائمة، فالاراضي جميعا محط اطماع الاحتلال التوسعية.
لا يضيع حق وارءه مطالب، والحقوق لا توهب ولا تعطى بالمجان، بل تنتزع انتزاعا، والحق في الارض الفلسطينية هو خالص للفلسطينيين، ولا يصح مثلا ل"نتنياهو" المستجلب من الخارج من منطقة غربية اسمها لتوانيا أن يزعم ان الارض الفلسطينية هي ارض يهودية، وهذه مزاعم باطلة وماكرة ولا اساس لها من الصحة.