كتبت: تسنيم خالد صعابنه
"أصبح التدريب الإعلامي العنصر الأكثر أهمية في مسيرة احتراف العمل الصحفي، فالدراسة الجامعية في أقسام وكليات الإعلام في الجامعات العربية تغلب عليها الدراسة النظرية، فيما لا تتجاوز نسبة الأعمال التطبيقية 30% في أحسن الأحوال علماً أن الإعلام تحول من مجرد مهنة واختصاص إلى أبرز صناعات العصر الحديث التي تشهد تطورات متلاحقة بفعل الثورة الرقمية مما عزز الحاجة إلى المواكبة بالتدريب ."
وتظهر أهمية التدريب كعلاج سريع وفعال في ظل العجز عن إحداث تغييرات جذرية في مناهجنا الدراسية في كليات الإعلام، ولاشك بأن التدريب الإعلامي لطلاب الصحافة وخريجيها يساعد على تأهيلهم وانخراطهم في سوق العمل، وتقع المسؤولية الأكبر في التطوير على عاتق المتدرب نفسه.
أهمية التدريب
التدريب الإعلامي استثمار للمستقبل حيث أنه يصنع أجيالاَ مؤهلة لخوض غمار التجربة بمهنية، والصحافة مهنة المهارات فهي لا تتقيد بعلم ولا دراسة ولا تكفي الدراسة الأكاديمية، بل لا بد من التدريب .
ويشير المحرر الأكاديمي، د.أمين أبو وردة، التدريب العملي لطلاب الصحافة في غاية الأهمية، فقدرات الطالب في المجال الميداني مهمة جداَ؛ لأنها تؤدي إلى تكملة مسار الجانب النظري في أروقة الجامعات وداخل القاعات المغلقة، بالتالي تجعله يعيش أجواء الجانب العملي، ومن جانب آخر يطبق المهارات التي تعلمها خلال دراسته.
مواجهة
ويتابع، مهنة الإعلام تختلف عن كثير من المهن، فعلى كل من يمارس هذه المهنة يجب أن يتقنها، وطالب الإعلام إذا اعتمد فقط على الجانب النظري فهذا يجعله ضعيفاَ في اقتحام سوق العمل، ويجعل المنافسين من سوق الخبرة أقدر على مواجهة العمل الصحفي.
من جهته يقول أمين، للأسف لا يوجد هناك اتفاق بين مؤسسات الإعلام في مجال تدريب طلاب الإعلام، فهي اجتهادات فردية، فمكاتب الإعلام تسمح بالتدرب طول سنوات الدراسة، ويتم هذا مجاناَ ودون مقابل.
وفي السياق ذاته يقول: بعض الجامعات تأخذ رسوم على مساقات الجانب العملي ولا تقدم للطالب أي شيء سوا المتابعة الإدارية، في حين المكاتب الخاصة تستوعب الجانب العملي لأشهر طويلة ولأكثر من 500 ساعة لبعض الطلاب، ولا تتقاضى مقابل ذلك، وتوفر لطلاب المعدات والتقنيات والخبرات.
مشاكل
ويؤكد أمين على وجود الكثير من المشاكل التي يتعرض لها الطلاب أثناء دخولهم التدريب العملي، وهي الاعتماد على أساليب تدريب تقليدية ووجود فجوة بين الأكاديمية والمهنية وضعف العلاقة بين الجامعة والمؤسسات الإعلامية واستغلال بعض المؤسسات للطلبة وعدم وجود أقسام للتدريب بالمؤسسات الصحفية.
نصائح
وينصح أبو وردة، طلاب الإعلام مواكبة التدريب العملي من بداية التحاقه بالجامعة، ولا يتوقف هذا التدريب حتى بعد تخرجه؛ لأن الإعلام يتطلب مواكبه، مضيفاً، "نحن في مكتب أصداء يوجد لدينا طلبة يتدربون في مجالات مختلفة، كالمرئي والمسموع والمقروء وإدارة المواقع ومجال العلاقات العامة والتنسيق".
الاستغلال
ويقول: أنه لا يوجد استغلال من قبل مؤسسات الإعلام لطالب الإعلام بل على العكس، وفي بعض الأوقات يكون الاستغلال بعد التدريب، حيث يتم توظيفه مؤقتاَ لمدة ستة شهور تحت بند تجريبي ثم استغلال خدماته، وبعد انتهاء المدة التجريبية يتم استيعاب آخرين بنفس الطريقة.
التدريب ليس متطلبًا
التدريب العملي في المؤسسات الإعلامية ليست متطلبًا جامعيًّا في قسمهم، وبالتالي فإنّ أيَّ شخص يريد التدريب عليه أن ينسّق لنفسه، وفق معارفه في مكاتب الصحافة والإعلام.
والأمر ليس بهذه السهولة، فنادرًا ما تجد طالبة إعلام يمكن لها أن تتواصل بشكل شخصي لتحصل على تدريب بصفتها الشخصية، هناك حاجة للتدريب حتى يدخل الطلاب في أجواء الإعلام الحقيقية.
والجمع بين العلم والتدريب مهم جداً، مشيرةً إلى أن الإعلام ليس نظرياَ فقط، لذلك لابد أن ينخرط طالب الإعلام في التدريب ويلتحق بالدورات التدريبية.
يجب على طالب الصحافة والإعلام أن يتدرب من النواحي: المهنية والأكاديمية والقانونية والثقافية والمجتمعية، بالإضافة إلى أهمية التدريبات العملية التي تساعد على إكساب الطلاب القدرة على تحمل المسؤولية، وتنمية قدراتهم علي تطوير الذات المهنية، والتعلم الذاتي والتفكير الناقد، والاتصال الفعال والتعامل مع الآخرين، بالإضافة إلى تحسين طرق وأساليب الأداء وبالتالي زيادة الإنتاجية.
بلا شك أنه على طلاب الصحافة وخريجيها أن يكون لديهم الشجاعة بعد أن يمضوا وقتاَ في التدريب للوقوف مع أنفسهم لاتخاذ القرار المناسب إما بالاستمرار في هذه المهنة أو تركها.
ومن المهم أن يكون لدى طلاب الإعلام ثقة خلال التدريب و يكون لديهم قاعدةً من القدرات وعلى أساسها إما أن ينطلقوا أو يغيروا الطريق، وعليهم أن يجتهدوا قدر الإمكان في اكتساب المهارات ولكن ألا يستعجلوا في الوصول إلى القمة في وقت قياسي وأن يتعرفوا على مواطن القوة لديهم ليستثمروها.
وقد اجمع الصحفيون على أن المشاكل التي تواجه المتدربين تتمثل في غياب الثقافة والقراءة عند أغلبهم بالإضافة إلى ضعف درجة الحساسية والمسئولية عندهم وعدم تقديرهم لمدى خطورة مهنتهم والميل إلى الصحافة المكتبية دون النزول إلى الميدان.
أما عدد المتدربين المتميزين قليل جداَ بالنسبة لحجم سوق العمل والأعداد الكبيرة التي تخرجها الجامعات، والعديد من المؤسسات الإعلامية تحاول استيعابهم داخلها سواء بالتدريب أو من خلال الدورات التدريبية .
مواجهة التحديات
ويجمع الخبراء على أن التدريب الإعلامي هو خيار جوهري لمواجهة تحديات العصر من قبل المؤسسات الصحفية والإعلامية التي تطمح إلى الارتقاء بكوادرها والمحافظة على موقعها الريادي، علماً أن التدريب يردم الفجوة الكبيرة التي ظهرت في العالم العربي بين الإعلام القديم والإعلام الحديث.
والتدريب الإعلامي من الحاجات الضرورية والملحة والتي لا يمكن الاستغناء عنها، وهذا يتطلب تعزيز مراكز التدريب الإعلامي.
التدريب الإعلامي والتطوير المستمر للقدرات يؤهلان الكوادر الشابة للالتحاق بسوق العمل، والمتدربين ينقسمون إلى ثلاث فئات، من يريد اكتساب التجربة والخبرة, ومن يبحث عن فرصة عمل, ومن يريد شهادة خبرة يضعونها في السيرة الذاتية لهم عند التقدم لوظيفة.
وأصبح التدريب حديث الوسط الصحفي، ولا بد من السير بخطوات هامة نحو الهدف المطلوب، والواقع إن ما يتسبب أحياناً في بروز بعض التجاوزات في الأداء الصحفي، لا يتحمل مسؤوليته فقط الصحفيون، ولكن المسئول الذي يحجب المعلومة هو الذي يجعل الصحفي يتخبط أحياناً في التحليل.
وتعمل وزارة الإعلام على تطوير مستوى الصحافيين والإعلاميين الفلسطينيين، وذلك من خلال إقامة دورات تطوير مستوى في المجالين التحريري والفني، وخلق صحافيين وإعلاميين متخصصين في مجالات الحياة الفلسطينية المختلفة وخصوصاً على صعيد الرياضة والبيئة والمرأة والطفل والشباب.
ومن الجدير بالذكر أن التدريب والتأهيل وتنمية مواهب الطلاب والخريجين الجدد هو جزء من المسؤولية الاجتماعية التي يحملها الإعلام الرسمي تجاه أبناء الشعب، والإعلام الرسمي بكافة أذرعه لن يبخل بنقل خبراته الكبيرة وتجربته الرائدة للخريجين.