كان اكتشاف البرتغاليين لطريق رأس الرجاء الصالح في العام 1497م، ووصولهم إلى الهند في العام الذي تلاه بدايةَ عهدٍ جديد على كل الأصعدة، فكيف كان تحرير عُمان من الاحتلال البرتغالي.
حاول البرتغاليون فرض سيطرتهم على المحيط الهندي واحتكار التجارة الشرقية، ودمّروا السفن العربية التي كانت تنقل التجارة من الهند إلى الخليج العربي، ليفرضوا سيطرتهم على طريق الملاحة بين الجانبين.
وفي العام 1506 سيطروا على جزيرة سوقطرة، ثم اتجهوا إلى ساحل عمان واستولوا على المدن الساحلية، وحاصروا مسقط، وقتلوا أعداداً كبيرة من سكان المدينة حتى يهدموا فكرة المقاومة.
صوّب البرتغاليون أعينَهم تجاه عمان، فهي المنافس التجاري حينها، إذ يسيطرون على طرق التجارة، فأرسل ملك البرتغالي حملةً بحرية بقيادة «البوكيرك»، الذي فاجأ السفن العمانية واحتل قلعة قلهات وقريات، ومسقط، وخورفكان، وصحار.
ثم حاصر هرمز واحتلها في العام 1508م، وأسّس فيها أول قلعة برتغالية في الخليج، واستمرت السيطرة البرتغالية على السواحل العمانية أكثر من مائة عام، حاول خلالها العثمانيون المسلمون طرد البرتغاليين من الخليج، وبالرغم من عدم نجاحهم فإن ذلك كان بداية للتفكير في التخلص من السيطرة البرتغالية.
دامَ الاحتلال البرتغالي في عُمان من الفترة بين 1506 إلى 1650م، إلا أن فكرة التحرير كانت حاضرة، وكان العمانيون ينتظرون فقط اللحظة المناسبة، وفي الوقت الذي كانت الحامية البرتغالية فيه مشغولة باحتفالاتها بعيد الفصح أواخر العام 1649، كان السلطان مرشد بن سيف اليعربي «مؤسس دولة اليعاربة» يُخطط لتحرير البلد الذي دام احتلاله لأكثر من 140 عاماً، فكيف انتصر العمانيون على البرتغاليين وأسقطوا احتلالهم؟
كان السلطان يضع خُططه العسكرية مع قادة جيشه لتحرير المدينة الساحلية من قبضة الجيش البرتغالي، وعلى حين غرة اندلعت المعركة، ونجح الجيش الذي قاده السلطان مرشد في تحرير المواقع الساحلية، مثل صحار، وصور، إلا أنه مات قبل أن يستكمل مشروعه وحلمه في توحيد الأرض العمانية وتحريرها من البرتغاليين.
تبعه السلطان بن سيف، ثاني أئمة دولة اليعاربة، الذي كان من أبرز القادة العسكريين حينها، وقرر استكمال مخطط التحرير.
القادة العسكريون البارزون أخذوا على عاتقهم استكمال ما بدأه الإمام ناصر من قبلهم، واتجهت الأنظار أولاً نحو تحرير مسقط.
كانت مدينة مسقط محصّنة بشكل كبير، فالبرتغاليون قلقون من تكرار سيناريو تحرير المدن الساحلية، وأخذوا يحصنون الأبراج بالمدافع، وحدود المدينة بالأسلاك الشائكة، وحفروا خنادق على حدود المدينة، واطمأنّوا أن الوضع تحت سيطرتهم.
سار سلطان بن سيف على رأس جيشه من الرستاق إلى مسقط، ولم ينتبه البرتغاليون إلى زحفه إلا حين اقترب من أنحاء مسقط، ومن منطقة طوى الرولة «روي الحالية»، التي اتخذها مركزاً لقيادته.
حينها بدأت كتائب من الجيش العماني تُغير على جانبَي مسقط ومطرح، واستمرت الغارات والمناوشات لأيام دون تحقيق نتائج حاسمة.
وبحسب ما جاء في كتاب «الفتح المبين» لابن زريق، فإن واحداً من أبناء الجالية الهندية، ويعمل تاجراً، قرّر نقل المعلومات إلى العمانيين المتمركزين على حدود مسقط، وبناء على المعلومات التي نقلها اختير الوقت المناسب للهجوم.
وفي الثالث والعشرين من ديسمبر/كانون الأول من العام 1649، تمكن الجيش العماني من اقتحام الأبواب والدخول إلى المدينة، وفرضوا حصارا مشدداً على الحامية البرتغالية، وعقب تحرير المدينة أخذت كتائب من الجيش تطارد فلول الجيش البرتغالي، وأغاروا عليهم في المحيط الهندي، حتى تحرّرت عمان في مطلع العام 1950.