الرئيسية / الأخبار / عناوين محلية
قصة الاطفال والصراخ "طلعت حرب"
تاريخ النشر: السبت 02/08/2014 19:13

 تعالَ يا بني.. إقتربْ.. فالسماء لم تعد تقترب منَّا كيفما كانت.. كما يفعل الآن التراب.. ومن هناك.. أترى.. أعطني حبة رمل من ذاك الدواء وشربة دماء.. وإجلسْ هنا أمامي.. إقتربْ أكثر.. هنا بحضني.. فالأرض لم تعد تطيقنا فوقها.. ولا الهواء.. والموت هنا يا بني يغريه حضن الأقرباء..

عذراً يا بني هذا المساء.. فجميع الأميرات تزوجن بالسر من الأمراء ورحلن مع الجان.. وجميع الدببة البيضاء غفت بجانب الصياد.. والأسود هرمت.. والثعالب شبعت.. وليلى تزوجت.. ولم يبقَ من القصص سوى قصة الأطفال والصراخ بين الأشلاء..

دعني أشمُّ رائحتك يا بني قبل الكلام.. ربَّما قاربُ السماء قادم نحونا.. من يدري.. إنْ لم يكن غادر الآن.. فأرضنا أصبحت ميناء الموت.. والبحر تملأه الدماء..

بسم الوعد أبدأ..

بسم الوجع والصراخ أبدأ..

بسم الدمع والدم أبدأ..

بسم الظلم والدمار أبدأ..

بسم الأرواح الباكية أبدأ..

بسمك وبسم غزة يا بني أبدأ..

ويخرس الكلام..

يُحكى يا بني أنَّ العهد كان قريب.. والأمل فينا نسيب.. كانت الحجارة سنداً.. والطريق وعرة.. وفي كل مرّة نبني.. نقع.. نبني.. والكَرَّةَ نعيد..

لكن يا بني..واستغفر.. أترى النور من الدخان لا يرى.. والأمل ومن يشقى.. والجنة والأفعى.. إن الصبر لم يعد يرقى.. فمن بغير الآخرة بعد يرضى؟؟..

فهنا يا بني يُخلق الجنين ليموت.. المهد نعش.. والحليب رصاص.. والأمُ.. آهٍ.. لم تعد شيئاً تريد.. فجميع أطفال العالم يفطمون على الحليب، إلا أطفال غزة يفطمون على الشهادة.. وتتعلم الحياة سر الليل العاهر وتتزين بالنار والدخان..

أنظر يا بني..

أترى ذاك القطاع فوق التل خلف الوادي تحت الشجر يأكل الصراخ ويشرب الدماء..

وهناك..

أترى ذاك الدخان تحت السماء فوق النار بين الشظايا يحضن الأشلاء..

 

أنظر جيداً..

أترى القدر بين الأنين في الدمع خلف المآقي من الحناجر يتسلح بالدعاء..

تمعَّن يا بني.. ولا تخفْ..

أترى القذائف بين الحجارة خلف الركام تحت الرماد تقطع حبل الأجناء..

وفي كل مكان.. 

أترى الوحي في عيون الأطفال يرتّل والملائكة تمسح نورهم وتقرأ..  

أترى؟؟..

فغيرك يا بني لا يرى أنَّ الله في غزة يلملم بقايا الكون ويصعد السماء!!..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017