غزة- الرأي-ميسرة شعبان
"ألو أنا من تونس، والله بنحبكم برشا برشا الله ينصركم ويحميكم"، "ألو أنا من الجزائر ندعيلكم بالنصر عليكم بالصبر يا أهل فلسطين والله روحنا معاكم، وندعيلكم بالزاف، الله وياكم".
كانت هذه مقتطفات من مكالمات عشوائية ترد لهواتف الغزيين من دول عربية مختلفة، اتصالات تحمل مشاعر العروبة الدافئة والدعاء والدموع في أغلب الأحيان، من أشقاء اختلفت لهجاتهم لكن توحدت مشاعرهم وأمنياتهم لنصرة أهل غزة.
بعد المسيرات الحاشدة وحملات التبرع لإغاثة أهالي قطاع غزة المنكوب بالمجازر الإسرائيلية، وجد الأشقاء العرب طريقة مباشرة ومبتكرة للتضامن مع أهل فلسطين، وغزة تحديدا، وذلك عبر الاتصال الهاتفي المباشر، وطلب رقم عشوائي بعد وضع مفتاح فلسطين(00972).
الفتاة آلاء نصار من مدينة غزة أكدت أن تلفون بيتها لم يهدأ وهو يرن كل ربع ساعة، وعندما ترفع سماعة الهاتف تجد مكالمات دولية من تونس والجزائر ومصر يريدون الاطمئنان والدعاء لاهل غزة بالنصر على العدوان الإسرائيلي.
وقال:" اتصلت بي امرأة من تونس وبدأت بالبكاء والدعاء لأهل غزة، وقالت لي بعد أن التقطت أنفاسها إنها تتصل عشوائيا على أرقام فلسطينيين، للتضامن معهم، وتخبرهم أنها وعائلتها يشعرون بألم بالغ لما تقوم به إسرائيل من مجازر في غزة.
وبينت أن المتصلة قالت لها أنه لو فتحت الحدود بين مصر وغزة لتدفق مئات الآلاف من الشبان العرب لنصرة القطاع في غضون ساعات قليلة، طالة منها السماح لأهل تونس لعدم تمكنهم من إنقاذهم الا بالدعاء من الله بالنصر القريب.
وأشارت نصار أنها لم تصدق الاتصال في بادئ الأمر واعتقدت أنها من ألاعيب الاحتلال، ولكنها بعدها أيقنت أنه فعلا اتصالات من الأشقاء العرب ، معبرة عن شعورها بالفخر كونه لا يزال هناك مواطنون عرب يفكرون بمعاناة أهل غزة ويبادرون بالاتصال بهم.
يذكر أن شركة أوريدو التونسية أعلنت أن جميع المكالمات ستكون مجانا نحو قطاع غزة وذلك إلى يوم 31 جويلية 2014، من أجل أن يتمكن المشتركون من البقاء على اتصال مع أقاربهم في القطاع.
وأكدت الشركة في بلاغ لها أن هذه المبادرة تهدف إلى تخفيف هول المصيبة الإنسانية التي تعيشها غزة.
ولا يخفي الغزيون بعض المخاوف من اتصالات "تضامنية" يسأل المتصلون فيها عن أين تتمركز المقاومة بالضبط، وكمية السلاح التي تملكها، معربين عن خوفهم من اختراق المخابرات الإسرائيلية لهذا النوع من التضامن، وتخفيهم على هيئة مواطنين عرب من جنسيات مختلفة.
وقال المواطن وليد صبيح:" التقى كل يوم الكثير من المكالمات من أشقاء عرب وقد أسعدتني، لكن مكالمة واحدة أثارت مخاوفي عندما طلب المتصل فيها أن أحدد له مكان سكني وهل أن قريب من موقع المقاومة، وبعد استنكاري لطلبه أغلق الخط بسرعة".
فيما قالت السيدة ديما بكير :" اتصلت بي امرأة من تونس وقالت لي كيف تشعرون وأنتم تحت القصف ألا تشعرون بالخوف، ولكني تغابيت عليها وقلت لها أي قصف ما في شي عنا، فغضبت المراة مني وقالت لي لاااا أنتم تتعرضون للقصف واكيد عندكم مقاومة".
وتابعت ديما حديثها، شعرت بشيء من الاستغراب في آلية الاطمئنان علينا وأغلقت سماعة الهاتف".
ويلاحظ أن غالبية المكالمات التضامنية العشوائية التي ترد المواطنين هذه الأيام هي من تونس، بعد أن تم فتح الخطوط باتجاه فلسطين بشكل مجاني، حسب ما قال أكثر من متصل تونسي.
ويعّول المواطنون في غزة تحديدا على الوعي والحس الأمني وعدم الانزلاق بإدلاء معلومات للمتضامن المتصل، تحسباً من وقوعهم في براثن المخابرات الإسرائيلية، كما أكد أكثر من مواطن.
ولجأت إسرائيل منذ بداية عدوانها على قطاع غزة الى الاتصال بشكل عشوائي على هواتف المواطنين وبث إسطوانة مسجلة تخاطب بها الأهالي قائلة: إن "حماس" هي سبب ما هم فيه من قتل ودمار، وعليكم التعاون معنا".
بينما قالت ربا شيخ العيد: هاتف بيتي لا ينقطع رنينه من اتصالات التضامن سواء من أهلي وجيراني في الإمارات أو أناس لا نعرفهم من تونس وليبيا، وجميعهم يدعون لنا بالثبات، ولم ألحظ أي سؤال غامض أو فيه استدراج، فالمكالمة تقتصر على الدعاء لنا بالصبر والثبات واغلب ما يقولون" ألو أنا من ليبيا، والله بنحبكم هلبا هلبا الله ينصركم".
ويلقى هذا الشكل من التضامن العربي غير المسبوق عبر أثير الاتصالات الاهتمام والتجاوب من المواطنين، وأفاد السيد محمد هنية أنه تلقى على مدار ثلاث أيام ماضية أكثر من أربعة اتصالات من أشقاء عرب تونسيين أبدو تضامنهم الكبير مع المقاومة في قطاع غزة، مؤكدين أن مشاهدة ضحايا المجازر الإسرائيلية على القنوات الفضائية تفوق تحملهم، وأنهم يريدون المشاركة بالمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي "برشا برشا" كثيرا كثيرا حسب اللهجة التونسية.
وكان قد رأى أهالي قطاع غزة نموذج التضامن الهاتفي العشوائي الذي تكرر في حرب الفرقان عام 2008-2009 ومنهم من أبدى سعادته لاهتمام المواطن العربي العادي الذي أراد لتضامنه أن يصل لفلسطين مباشرة ولو عبر الأثير وآخرين تخوفوا منها ولم يهتموا بها.