الرئيسية / الأخبار / فلسطين
محرقة شرق غزة بسبب مبيدات إسرائيل السامة
تاريخ النشر: السبت 25/01/2020 12:14
محرقة شرق غزة بسبب مبيدات إسرائيل السامة
محرقة شرق غزة بسبب مبيدات إسرائيل السامة

يجلس المزارع المسن صدقي الفرا (60 عاماً) داخل أرضه الزراعية يتحسرٌّ على محاصيله الزراعية التي تعرضت لمحرقة غير مسبوقة؛ بفعل مبيدات كيمائية سامة ألقتها طائرات إسرائيلية على أراضيهم على امتداد السياج الفاصل شرق قطاع غزة.

الفرا، ومنذ رش الاحتلال للمبيدات السامة الكيميائية الثلاثاء الماضي، لم يرى طعم النوم أبداً، وبات يتجرع مرارة الألم ليلاً؛ وهو يفكر بخسائره التي لحقت به ووصلت لمبالغ تقدر بنحو 120 ألف شيقل.

يوضح الفرا لمراسل "وكالة سند للأنباء" أثناء حواره معه داخل أرضه الزراعية شرق عبسان الكبيرة شرق محافظة خانيونس جنوب القطاع أن 15 دونما من البصل، و10 دونمات من السبانخ تلفت بشكل نهائي.

يتساءل المزارع بغضب واستهجان؟ لماذا لا يتحرك العالم من أجل إنقاذنا من هذه المحرقة التي نتعرض لها قرب حدود غزة؟.

مشاريع مدمرة

بجواره وعلى بعد 300 متر من السياج الأمني الفاصل، يقف الشاب خالد قديح يومئ وكله حزنٌ وألمٌ إلى محاصيله "البروكلي" و"السبانخ" اللذان احترقا بفعل المبيدات السامة، يقول المزارع الذي تحدث بمرارة لـ "سند": "لا نعلم ماذا نفعل؟ ماذا فعلنا لإسرائيل لكي تحرق أراضينا هكذا؟.

قديح الذي تقدر خسائره بـ 4000 شيقل؛ كان يأمل أن ينتظر موسم حصاد محاصيله الزراعية؛ لكي يجنى أرباحاً منها تمكنه من سداد ديونه وتقدر بـ 10000 آلاف شيقل؛ غير أنَّ أحلامه تبددت الآن.

ولا تنحصر حدود معاناة المزارعين إلى هنا فحسب، بل إن هذه الجريمة الإسرائيلية ستجعلهم عرضة للمطالبات القضائية والمحاكم في غزة؛ لأنهم لن يستطيعوا الإيفاء بمديوناتهم للتجار الذين اشتروا منهم مبيدات، وأشتال، وأسمدة.

قيمة الخسائر

وزارة الزراعة تقدر إجمالي قيمة الخسائر الناجمة عن رش إسرائيل للأراضي الفلسطينية المحاذية للسياج الأمني الفاصل بالمبيدات السامة تزيد عن 1.25 مليون دولار أمريكي.

وخلال مقابلة معه، يقول الناطق باسم الوزارة أدهم البسيوني لمراسل "وكالة سند للأنباء"، إن مجموعة مساحة الأراضي الزراعية التي تضررت زادت عن ألفي دونم. (الدونم يعادل ألف متر).

ويشير البسيوني إلى أن الأضرار شملت معظم الزراعات الشتوية كـ"القمح والشعير والفول والبازيلاء، بالإضافة للمزروعات الورقية كالسبانخ والبقدونس، مشدداً أن رش المبيدات هي "جريمة إسرائيلية بشعة بحق القطاع الزراعي والمزارعين الفلسطينيين".

ورداً على سؤال وجهه مراسل "سند" إلى البسيوني حول الآليات التي سيتم فيها تعويض المزارعين على خسائرهم؟، أجاب أن وزارته؛ أرسلت برسالة إلى المؤسسات الإغاثية حثت خلالها بضرورة التحرك للوقوف على حجم الأضرار؛ من أجل إنقاذهم.

ويدعو البسيوني منظمات الأمم المتحدة وحقوق الإنسان والمجتمع المدني، بمتابعة جهودها ورصد جرائم إسرائيل ضد المزارعين شرق غزة؛ للعمل على محاسبة إسرائيل وإجبارها على تعويض المزارعين.

سياسة إسرائيلية ممنهجة

ووفقاً لدوائر الرصد والتوثيق في مؤسسات حقوق الإنسان بقطاع غزة، فإن الأضرار الناتجة عن عمليات الرش التي شرعت بها سلطات الاحتلال منذ 2014 طالت (7620000) متراً مربعاً من الأراضي الزراعية في قطاع غزة.

وتختار إسرائيل توقيت رش هذه المبيدات بعناية؛ حيث تكرر ذلك خلال فترتين سنويا (بداية يناير-وشهر إبريل) وهي بداية زراعة المحاصيل الشتوية والصيفية، كما أنها تختار اتجاهات الرياح لتكون صوب أراضي المزارعين الفلسطينيين وحتى لا تتأثر حقولهم الزراعية على مقربة بمستوطنات الغلاف.

من المواد المستخدمة في الرش الجوي هي: "جليفوسات، "أوكسيجال"، و"ديوريكس"، وبعضها موادُ مسرطنة وفقاً لتنصيف وكالة أبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية في عام 2015، وقد تسبب تشوهات خلقية للمواليد.

جريمة تخالف القوانين

من جانبه، يقول مركز الميزان لحقوق الإنسان إن عمليات الرش التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي "مدمرة ومحظورة بحسب القانون الإسرائيلي والدولي، ولا يوجد أي تبرير أو أساس قانوني للاستمرار بهذه الأعمال التي تمس بحقوق الإنسان وتعرض حياة وممتلكات المواطنين للخطر".

نائب مدير المركز سمير زقوت وخلال لقاء مع مراسل "وكالة سند للأنباء"، يؤكد أن عمليات الرش تشكل خطراً على الحق في الحياة، وكل ما يتعلق بالأخيرة مثل الحق في الغذاء، وتنفس هواء نظيف والتي تم ذكرها صراحة في البند 6 من الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

زقوت يدعو السلطات الإسرائيلية بالتوقف فوراً عن عمليات الرش، وما ينتج عنها من تدمير للإنسان والبيئة، وتعويض المتضررين، وضمان عدم تكرارها.

في 9 يناير/كانون الثاني 2019، وجهت مؤسسات حقوقية "مركز الميزان" و"جيشاه-مسلك" و"عدالة" رسالة للحكومة الإسرائيلية والمدعي العسكري العام والمستشار القانوني للحكومة تطالب فيها بالتوقف والامتناع عن رشد المبيدات من الجو تجاه أراضي المزارعين شرق غزة.

وسبق لمنظمة "چيشاه-مسلك"، الحقوقية الإسرائيلية أن انتقدت في عدة تقارير لها، رش المبيدات، وقالت إنها "تدل على أن السلطات الإسرائيلية ممعنة في تطبيق سياسة الأرض المحروقة في المنطقة المحاذية للحدود مع غزة، دون سبب واضح أو أي تبرير مقنع".

وفي يوليو/ تموز 2018، قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في تقرير لها، إن السلطات الإسرائيلية تستخدم مبيدات ذات تأثيرات خطيرة، في منطقة السياج المحيط بقطاع غزة، لمنع النباتات من النمو، وإبقاء المنطقة فارغة كي يتسنى لقوات الجيش مراقبتها بشكل جيد.

وكالة سند للأنباء 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017