الرئيسية / الأخبار / فلسطين
رصاصة واحدة تُطيح بالطفلة دينا وجنازة مؤجلة لعاصم!
تاريخ النشر: الثلاثاء 05/08/2014 16:26
رصاصة واحدة تُطيح بالطفلة دينا وجنازة مؤجلة لعاصم!
رصاصة واحدة تُطيح بالطفلة دينا وجنازة مؤجلة لعاصم!

 طوباس:

أعادت الحلقة الخامسة عشرة من سلسلة (كواكب لا تغيب) التي تنفذها وزارة الإعلام والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في محافظة طوباس والأغوار الشمالية حكاية الطفلة دينا إبراهيم صوافطة التي وضعت رصاصة إسرائيلية حداً لأحلامها في نيسان 2002 ، وتتبعت سيرة الشاب عاصم صدقي صوافطة الذي قضى في  خريف العام ذاته، وأختطف الاحتلال جثمانه لعشر سنوات.
يروي والد دينا بوجه حزين وصوت منهك: كانت ابنتي متفوقة في دراستها، وتحلم أن تصبح معلمة، وتحرص على ترتيب ملابسها، وتساعد أمها في المنزل، وتهتم بأناقتها وألعابها، وكبرت قبل أوانها، فمن كان يراها لا يصدق أنها ابنه 11 سنة.
"عمي متت"!
يرسم صورته لابنته البكر، فيقول: كانت شقراء، وذات عيون خضراء، وطويلة الشعر، ومبتسمة دائماً، وأحبت لعبة قفز الحبل، والحجلة، وكانت تخترع الألعاب لها ولأخوتها الصغار، وكانت تذهب كثيراً لمساعدة جدتها انتصار، التي كانت تسكن فوق منزلنا.
ووفق الأب المكلوم، فإن يوم الجمعة الحزين في الخامس من نيسان 2002 شهد نهاية  ابنته، حين صعدت للمرة الأخيرة لمنزل جدتها، ولكن رصاصة أطلقها جيش الاحتلال دخلت من النافذة واستقر في عنقها، لتسقط في الحال، ولتصرخ بكلمتين يتيمتين قبل الرحيل: ( عمي متت)...
يكمل صوافطة: قصفوا أحلام ابنتي، ولو أنها بيننا اليوم لكانت ابنة 24 سنة، ولأنهت جامعتها، وأصبحت معلمة كما تمنت دائماً، وكانت أماً لأطفال، لكنهم قرروا إنهاء حياتها بجرة قلم، قبل أن تكمل صفها الخامس الأساسي.
تحتفظ العائلة بصور دينا وهي تلهو، مثلما وثقت مشهد رحيلها الأخير، ولا زالت علكتها حاضرة في بيتها، بجوار ألعابها، وأسوارها وخواتهما، وملابسها، وبعض كتبها، والكثير من ذكرياتها، وضحكها، ولهوها، وشغفها بالقراءة، وتفضيلها لطبقي الكفتة والكبسة.
يتابع  الوالد: تزورني دينا في منامي، وأشاهدها تلهو وتضحك، ولا أنسى صورتها وهي مضرجة بدمها حينما أستيقظ، وأتذكر كثيرًا النافذة التي اخترقتها الرصاصة، ويعيد لنا بكاء والدتها المتكرر مقاطع من لهوهما، وترتيبها للمنزل، وإعدادها لبعض الطعام.
الإفطار الأخير
يقول شقيقها ظافر: كانت دينا أكبر مني بسنة، ولي خمسة أخوة وأخت وحيدة، ولو أنها بقيت حية لسبقتني في التخرج، فقد أنهيت جامعتي هذا الصيف، أما هي فبقيت في الصف الخامس. وأتذكر دائما لعبنا بالجلول (البنانير)، والدقة والحاح، ولا أنسى الفطور الأخير الذي جمعنا، قبل لحظات من استشهادها، فقد أسرعت لبيت جدتي، لكنها لم ترجع.
لا تستطيع والدة صوافطة الصمود ورواية قصة ابنتها، وترفض النطق بكلمة واحدة، فالدموع تجعلها تتكلم بلغة غير الكلام، ويتأجج حزنها حين تسمع أخبار بنات جيلها: زواجهن، وتخرجهن، وحياتهن المهنية.
عشرون عاصم وأكثر!
يسترد السبعيني صدقي محمد صوافطة مقاطع من حكاية ابنه  الأصغر بين  خمسة أولاد وأربع بنات فيقول: كان عاصم مؤدبًا، ومحبوباً بين الناس، ومواظبًا على دراسته، وخلوقاً، وجدياً، وكتومًا، ويساعدني في فترات غياب أخوته الأربعة القسري في سجون الاحتلال، فيرعى الأغنام، ويذهب للمزرعة، ويعمل في متجر الأدوات الكهربائية، وما يواسينا أن أكثر من 20 عائلة اختارت اسمه لأطفالها بعد استشهاده، وكان الجميع يفتح له بيته بعد أن أصبح مطارداً.
يقول بصوت يشاركه الحزن: لم ينه عاصم امتحانات الثانوية العامة في فرعها العلمي، فقد تعرض للملاحقة من جيش الاحتلال، ولا ننسى ملامح، فهو طويل القامة، وأشقر الشعر، وعسلي العينين، ومبتسم، وصاحب أخلاق عالية، والتحق بدورات (الكراتيه) ونال الحزام البني، وكان حب الوطن يسري في دمه.
لم تر عائلة صوافطة ابنها قبل استشهاده إلا بشكل متقطع، لكنه التقى بوالدته قبل يوم واحد من رحيله، وقال لوالدته إن يشعر بأن الليلة القادمة ستكون آخر لحظات عمره، وطلب منها إحضار مفاتيح بيت عمه القريب، وأنه يحب أن يموت بجوار عائلته.
نظرة وداع مؤجلة
يضيف الأب:  اقتحم الاحتلال  الحي، وحاصروا المنزل، وطلبوا من عاصم تسليم نفسه، فرفض وقاومهم  لنحو ساعتين، إلى أن أطلقوا عليه قنبلة مزقت جسده، وشاهدنا أجزاء من مخه على الأرض، وأختطف الجنود جثمانه، وأعادوه لنا بعد عشر سنوات، لكنني لم أشاهد رفاته، ولم أطبع قبلة على جبينه، أو ألقي نظرة الوداع الأخيرة عليه.
 أحب عاصم المقلوبة كثيراً، وعشق أكثر مساعدة العائلة وأهل الحي، ولا زالت ملابسه وكتبه وذكرياته حاضرة في منزل الأسرة، فيما يعيد الأطفال والفتية الذين يحملون اسم عاصم في طوباس تذكير العائلة براحلها وحبه لبلدة وللناس.
معرض دائم
بدوره أشار منسق وزارة الإعلام في طوباس عبد الباسط خلف أن ( كواكب لا تغيب) الذي تزامن هذه المرة مع قوافل الشهداء في غزة ينقل رسالة إنسانية وإعلامية ووطنية، ويؤكد على أن شهداء الحرية ليسوا أرقاماً أو مجرد أسماء، بل يحملون مخزوناً من الأمل والأحلام.
وأضاف أن الوزارة والاتحاد العام للمرأة  بالشراكة مع جامعة القدس المفتوحة والمحافظة  يعكفان على إطلاق معرض ومفتوح ودائم  لمقتنيات شهداء الحرية، من خلال عرضها في صناديق زجاجية مغلقة، تعيد التذكير بالراحلين وكتبهم وملابسهم ألعابهم وأدوات عملهم وخصال شعرهم وغيرها، وتبدد غيابهم الذي جاء قبل الأوان.
 
 
 
المزيد من الصور
رصاصة واحدة تُطيح بالطفلة دينا وجنازة مؤجلة لعاصم!
رصاصة واحدة تُطيح بالطفلة دينا وجنازة مؤجلة لعاصم!
رصاصة واحدة تُطيح بالطفلة دينا وجنازة مؤجلة لعاصم!
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017