لا ينفك العلماء يوما تلو الآخر يبحثون عن سر الهرم الأكبر، كيف بُني هذا المعلم الشاهق، وما هي العلوم التي مكنت المصريين القدماء من بناء ما يمكن أن نسميه قلعة فرعونية شامخة تتحدى الزمن، خاصة وأن الكثير من المراجع التاريخية تشير إلى أن الهرم الأكبر، أو ما يدعى هرم خوفو، كان قد بني قبل طوفان نوح، وهذه قصة أخرى يمكننا أن نعود إليها في قراءة مفصلة لاحقا.
الشاهد أن مبعث التساؤل المتقدم هو النظرية الجديدة التي أطلقها قبل عدة أيام المؤرخ وعالم المصريات ماثيو سيبسون الذي أشار إلى أن الهرم الأكبر لم يتم بناءه، كما هو معروف، إلى نحو سنة 2500 قبل الميلاد، في عهد الأسرة الرابعة للمملكة القديمة، بل أنه كان أصغر بكثير عندما بني لأول مرة، وتم تجديده إما في الأسرة الـ18 أو الـ16.
يؤسس سيبسون نظريته على أنه لا توجد صور للهرم الأكبر في أي شكل فني قبل الأسرة الـ18، ويتساءل: "لماذا المراجع القديمة لا تحتوي على أي صور للهرم؟ وجوابه أن ذلك ربما يعود إلى أنه خلال عصر المملكة القديمة كانت الهياكل في مرحلة مبكرة وأصغر وأقل أهمية، ولم تكن خاصة أو فريدة من نوعها.
وعلى الرغم من أن سيبسون لا يقلل من حجم العمل المنجز للمواقع في الشرق الأوسط والمملكة الجديدة، فهو يرى أن وجود اسم خوفو على الحجر لا يعني أنه بُني خلال فترة حكمه، فربما بُني في وقت متأخر من التاريخ تكريما لخوفو.
يطرح سيبسون عدة أسئلة مثيرة للتأمل، وتحتاج إلى حوار عميق وجدي من علماء الآثار المصرية القديمة، فهو يعتقد أن لديه بعض الأدلة القوية تدعم مزاعمه، وفي مقدمتها غرفة الملكة الواقعة في الجزء السفلي من الهيكل، وهي غرفة ضخمة بشكل لا يصدق، ومن منطلقها يتساءل: "لماذا توجد غرف دفن ثانوية؟ لماذا لا يكون لها أرضية صلبة وأين التابوت؟ لماذا أغلق ما يسمى منافذ الهواء من الداخل؟ لماذا لم يمتد إلى خارج الهرم؟
يخلص الرجل إلى أنه ربما كانت غرفة الملكة جزءا من الهيكل الأصغر الذي وسع ليصبح الهرم الأكبر، خاصة وأن هناك العديد من التجاويف المملؤة بالرمل في جميع أنحاء غرفة الملكة التي ربما كانت تستخدم لسد الثغرات لإنشاء هيكل أكثر صلابة.
الرؤية المتقدمة نشرتها مؤخرا صحيفة الإكسبريس اللندنية، وهي ليست إلا اجتهاد جديد ضمن رؤى واجتهادات تطفو على سطح الأحداث بشكل دوري، بعضها مخلص البحث والتساؤل عن سر الهرم الأكبر من علماء آثار حقيقيين مجتهدين، ومنها ما هو دعائي لا يحمل أي علامات بحثية موثوقة، بل بلغ الشطط بالبعض أن ربط الهرم الأكبر بحضارات وكائنات غير بشرية، في محاولة لا تخطئها العين لسرقة جهود المصريين الأوائل الذين عرفوا الحكمة من الإله تحوت الذي إليه ترجع علوم المصريين القدماء، وقد قالت الكثير من الكتابات إنه الكاهن الأعظم لحضارة أطلنطس الغارقة الذي ورث المصريون القدماء كل أسرار علمه وحكمته ومعرفته.