“إذا رأينا سفينة محملة بالأسلحة متوجهة إلى الحكومة الليبية الشرعية فسنوقفها، أما إذا كانت محملة بالمهاجرين فسوف نتركها تغرق، وإذا كانت الأسلحة قادمة براً لحفتر فلا علاقة لنا بها”، هذه هي خلاصة الخطة الأوروبية لتفعيل الحظر الأممي على توريد الأسلحة إلى ليبيا.
فقد وافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الإثنين 17 فبراير/شباط 2020، على إطلاق مهمة بَحرية وجوية في شرق البحر المتوسط؛ لمنع وصول مزيد من الأسلحة إلى الفصائل المتحاربة في ليبيا، بعد أن رفعت النمسا حق النقض على هذه الخطة.
وهدف الخطة الأوروبية لتفعيل الحظر الأممي على توريد الأسلحة إلى ليبيا المعلن منع تهريب الأسلحة إلى الطرفين عبر البحر.
ولكن ماذا عن حدود ليبيا البرية مع ست دول؟ وتحديداً ماذا عن حدودها التي يبلغ طولها ألفاً و200 كيلومتر مع مصر، التي تقول الأمم المتحدة إنها مع الإمارات أكبر داعم للجنرال خليفة حفتر الذي اخترق وقف النار مراراً، هل تتم مراقبتها؟
تقارير إعلامية نسبت إلى وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، قوله إن العملية يمكن أن تتطور لمراقبة تهريب الأسلحة من البر.
يمكن أن يكون هذا ما تتمناه حكومة إيطاليا التي تؤيد حكومة الوفاق.
ولكن جوزيف بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كان واضحاً إذ أجاب عن هذا التساؤل، بأنه لا يمكن نشر قوات على الحدود المصرية الليبية؛ فهما دولتان ذواتي سيادة.
ودفع هذا حكومة الوفاق إلى وصف المهمة الأوروبية بأنها تصب في مصلحة حفتر وتستهدف التعاون التركي الليبي فقط.
من جانبها، تفضل تركيا إشراف الأمم المتحدة، على تنفيذ الحظر.
المتحدث باسم حزب”العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا، عمر سيليك، قال إن اقتصار خطة أوروبا لحظر توريد السلاح إلى ليبيا على البحر سيكبل طرفاً دون آخر.
وأضاف أن الأمم المتحدة، وليس الاتحاد الأوروبي، يجب أن تشرف على حظر الأسلحة المفروض على ليبيا.
وقال عمر سيليك خلال مؤتمر صحفي: “نعتقد أن الاتحاد الأوروبي الذي يشرف على حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، لن يحقق نتائج واقعية، لأن بعض دول الاتحاد الأوروبي تدعم حفتر مباشرةً وترسل أسلحة إليه”.
وترى تركيا أن آلية الأمم المتحدة أفضل آلية مع إعطاء الأولوية لتنفيذ وقف إطلاق النار.
كما أن روسيا طالبت بموافقة مجلس الأمن الدولي على آلية تنفيذ المهمة الأوروبية.
يمثل هذا القرار الأوروبي انفراجة بعد أسابيع من المفاوضات والتحذيرات غير المثمرة التي أجراها جوزيف بوريل، منسق الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، بأن الكتلة قد تخاطر بأن تصبح غير ذات صلة إذا لم تستطع التحرك، وهو ما يترك مصير ليبيا لتركيا وروسيا.
وقال دبلوماسيون إن الخطة، في حل وسط لتهدئة مخاوف النمسا من أن أي مهمة بَحرية يمكن أن تجلب مزيداً من المهاجرين إلى أوروبا، ستفتش سفن الاتحاد الأوروبي السفن المشبوهة في شرق البحر المتوسط، حيث تتم معظم عمليات تهريب الأسلحة بعيداً عن طرق المهاجرين.
أي إن الخطة تستهدف عملياً وقف السفن المحملة بالأسلحة والمعدات للحكومة الشرعية، في حين لو كانت هناك سفينة محملة بالمهاجرين تتعرض للغرق، فإن السفن المشاركة في المهمة الأوروبية ستتركها، لأنها لو أنقذت هؤلاء المهاجرين فسوف تضطر إلى حملهم للأراضي الأوروبية.
في المقابل، فإن السفن والطائرات التابعة للمهمة الأوروبية لو رصدت قوافل عربات تنقل معدات عبر الحدود المصرية الليبية إلى حفتر، فإنها بطبيعة الحال لن تعترضها.
فهل يمكن وصفها بأنها خطة لتفعيل حظر تهريب الأسلحة إلى ليبيا أم أنها خطة لحظر توريد الأسلحة إلى الحكومة الشرعية التي تعترف بها الأمم المتحدة فقط؟
وقال بوريل إنه يأمل أن تقوم عملية الاتحاد الأوروبي بدوريات بحلول نهاية مارس/آذار 2020.
في البداية، ستعمل في المياه الدولية وليس الليبية. وقال بوريل أيضاً إنه لا يُتوقع من الاتحاد الأوروبي القيام بدوريات على الحدود البرية بين مصر وليبيا، والتي لا يزال يتم خلالها تسليم الأسلحة لحفتر.
وقال للصحفيين: “سيكون من الصعب علينا أن نتحرك بين بلدين يتمتعان بالسيادة”.
وقال وزير الخارجية النمساوي ألكساندر شالينبرغ، إن خطة حظر توريد السلاح إلى ليبيا مقبولة، لكن فيينا ستظل متيقظة لأي إشارات تدل على أن المهمة، التي ستستغرق عدة أسابيع لتأسيسها، تجتذب المهاجرين إلى أوروبا.
في البداية كان بوريل يأمل إحياء المهمة العسكرية الحالية للاتحاد الأوروبي، والمعروفة باسم عملية صوفيا التي كانت تستهدف منع الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي، والتي توقفت عن نشر السفن في مارس/آذار الماضي؛ بعدما قالت إيطاليا إنها لم تعد تأخذ المهاجرين الذين تم إنقاذهم في البحر.
ولكن وفقاً للمهمة الجديدة، فقد أعلن الاتحاد الأوروبي عن إيقاف عمل عملية صوفيا وسحب معداتها كافة، بعد الاتفاق على إطلاق عملية عسكرية لمراقبة حظر الأسلحة، شريطة الابتعاد عن مسارات المهاجرين وعدم إنقاذهم.
وستعود سفن الاتحاد الأوروبي في دوريات لها بالبحر الأبيض المتوسط بعد أن توصل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق لإطلاق عملية جديدة في البحر الأبيض المتوسط لتنفيذ حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
كان أحد الحلول الوسط في المهمة الخاصة بليبيا، استخدام الطائرات بدلاً من السفن؛ لمراقبة المهربين الذين يزوّدون حكومتي ليبيا المتنافستين.
لكن وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، حثَّ الاتحاد الأوروبي على الاتفاق على مهمة بَحرية، قائلاً إن التحليق الجوي لن يكون كافياً.
وأسقطت النمسا حق النقض، لأن المهمة الجديدة كانت عسكرية بحتة وليست إنسانية. ومع ذلك، بموجب القانون الدولي، لا تزال سفن الاتحاد الأوروبي مطالَبة بإنقاذ من هم في مأزق بأعالي البحار.