كتبــــت: تســــــنيم صعابنه
19/2/2020
أثناء مرورك بالقرب من مدخل أحد البيوت في مدينة جنين، تسرقك رائحة كعك المخمر، والتي تفوح رائحته من بيت متواضع تعمل فيه سيدة ليلاً ونهاراً بلا ملل ولا كلل؛ لإعالة أسرتها.
في بيت متواضع صغير تجلس الثلاثينية، لطيفة زكي، من مدينة جنين، أمام فرن ملتهب الحرارة، تخبز صواني كعك المخمر، تتحدث عن بدايتها في هذا المجال تقول دون أن تتوقف عن العمل: "بدأت صنع كعك المخمر للزبائن قبل 9 سنوات بدعم معنوي من جارتي، بسبب تدهور وضعي الاقتصادي، ولتميزي في صنع الكعك".
وتصف زكي كعك المخمر وتقول: كعك أصفر، مغموس بزيت الزيتون، يسمى كعك المخمر، أو فتوت، أو كعك بالزيت مع اختلاف التسمية من منطقة إلى أخرى.
وتتابع زكي"ردة الفعل الإيجابية التي تلقيتها من الناس على مذاق الكعك الذي أخبزه، شجعتني جدًا أن أسوق عملي للناس، وبدأت بنشر الصور لأعمالي على حسابي الشخصي "فيسبوك" ولاحظت الإقبال الشديد عليه، وذلك بفضل الله ومحبة الناس له".
وتضيف زكي، "اتّخذت من مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة لتسويق الكعك (المخمر)، ما زاده رواجًا وأكسبني شهرة واسعة".
وتتحدث زكي عن طريقة سهلة وشهية لتحضير كعك المخمر، وتقول: "تتكون من عجينة الطحين وزيت الزيتون مضاف إليهما حبة البركة والسمسم، ويضاف إليه السكر، بحث تترك فترة لتتخمر، ومن ثم يتم خبزها."
وحول المقادير تقول زكي: "المقادير: "كيلو دقيق ابيض - ملعقة كبيرة باكنج باودر - ملعقة كبيرة فانيلا - ملعقة كبيرة سكر - ملعقة صغيرة كركم - ملعقة صغيرة محلب مطحون - ملعقة كبيرة حليب بودرة - ملعقة صغيرة ملح - ماء دافئ للعجن" .
وتتابع زكي، "نخلط جميع المكونات مع بعضها وتعجن ونتركها ترتاح قليلا، ومن ثم نقطع العجينة إلى قطع بحجم حبه الطماطم، ثم نفردها بالقالب ندهن وجه القطع بزيت الزيتون ونرش عليها ينسون والسمسم وحبه البركة، نعمل ثقوب على الوجه ونتركها لتتخمر، نخبزها في الفرن على نار هادئة وتقدم".
وتضيف زكي، وحرارة الفرن تزداد: "في البداية كنت أصنع كمية قليلة من الكعك، والبيع يقتصر على معارفي وجيراني، ومع الوقت وبفضل اتقاني لعملي وحرصي على الجودة وتلبية الطلبات بموعدها؛ ازداد الطلب ليتوسع إلى داخل وخارج مدينة جنين، بالإضافة إلى الأسواق".
تلتقط أنفاسها من عناء الخبز وحرارة الفرن، وتبتسم زكي قائلة: " والدتي هي من علمتني صنع الكعك، حيث كانت تخبز لجميع الأقارب والمعارف في كل مناسبة".
تراها تعمل بحماس، وبكل حب وسعادة، مع حرصها الدائم على إعداد الكعك بمهارة، وتوفير الكميات المطلوبة، وفي الوقت المناسب، بالإضافة إلى إرضاء الزبون وكسبه كمصدر دخل.
وتؤكد زكي على أن المرأة في الوقت الحاضر، بات لها دور رئيسي في إعالة منزلها إلى جانب زوجها؛ من أجل تأمين النفقات المتزايدة وتحسين مستوى الحياة، وعلى الرغم من أن مهمة الحصول على فرصة عمل أمراً سهلاً بالنسبة للرجال، والمهمة تزدادُ صعوبة بالنسبة للنساء وربّات البيوت اللواتي قضين سنوات طويلة في تربية الأطفال بعيداً عن سوق العمل.
وتختم زكي حديثها بقولها: "على كل سيدة أن تفعل ما تريد، وأن تواجه كل التحديات، حتى لا تشعر في أي لحظة أنها عالة على المجتمع، وهذا العمل سواء كان دافعه إعالة الأسرة أو زيادة الدخل أو حتى ملء وقت الفراغ فقط، فله أهمية كبيرة".
وهكذا استطاعت زكي أن تكون نموذجاً للمرأة الكادحة العاملة، والتي اخترقت سقف التذمر كي تصل إلى المرغوب، حيث تؤكد أن من خلال عملها أن لجوء النساء للعمل المنزلي هو ظاهرة جيدة، تعكس تغيراً في الفكر المجتمعي السائد، عن كون المرأة كائناً مستهلكاً.