كشفت هيئة البث الإسرائيلية “كان” عن تقرير تضمن التحقيقات التي أجريت في أعقاب استشهاد المربي يعقوب أبو القيعان في قرية أم الحيران مسلوبة الاعتراف في النقب، برصاص الشرطة الاسرائيلية التي اقتحمت القرية في كانون الثاني/يناير عام 2017.
ونقل موقع عرب 48، أن الهيئة بثت مقتطفات من التقرير في نشرتها المسائية، أبرزت خلالها التحقيقات مع “المضمد”، الذي وصل إلى موقع إعدام عناصر الشرطة للشهيد أبو القيعان، علما أنه سيتم نشر التقرير كاملا السبت المقبل.
ووفقا لمجريات التحقيق مع “المضمد”، فإن الشهيد أبو القيعان توفي نتيجة نزيف بطيء استمر أكثر من 20 دقيقة، إثر إصابته برصاصة استقرت في صدره.
وكان تقرير طبي، قد كشف أنه كان من الممكن إنقاذ حياة أبو القيعان، لو أنه تلقى العلاج اللازم، ولم يُحتجز لساعات.
وأشار التقرير إلى أن رصاصة أصابت أبو القيعان في ركبته اليمنى أدت إلى فقدانه التحكم بها، ما تسبب بضغطه على دواسة البنزين، واندفاع مركبته بسرعة كبيرة نحو الشرطة، وهو ما يدحض الرواية التي قدمتها الشرطة الإسرائيلية عن أن الشهيد نفذ عملية دهس وأنه ينتمي إلى داعش.
كما كشفت مصادر إعلامية إسرائيلية أن الشهيد قتل نتيجة إصابته برصاصتين، الأولى أصابت ركبته اليمنى والثانية في أحد الشرايين الرئيسية بالصدر.
وكان تقرير حقوقي قد صدر في حزيران/ يونيو الماضي، عن مركز بريطاني حول إخلاء وهدم منازل في قرية أم الحيران بالنقب، قد كشف اللحظات التي وثقتها كاميرات أفراد الشرطة والصحافيين والناشطين، الذين تواجدوا بالمكان، لجريمة قتل المربي يعقوب أبو القيعان، والتسلسل الزمني للأحداث التي تؤكد بأنه لم ينفذ عملية دهس، بحسب مزاعم المؤسسة الإسرائيلية.
وتستعرض تفاصيل الفصل الأخير من التحقيق إخلاء القرية عام 2017، حيث قتل خلال الأحداث المربي أبو القيعان، كما لقي الشرطي إيريز ليفي مصرعه، بزعم تعرضه للدهس، وهي الرواية والمزاعم التي يفندها التقرير الحقوقي.
ويظهر التقرير الحقوقي الذي أعده مركز “Forensic Architecture” في جامعة “جولدسميث” بلندن، لأول مرة توثيقا للأحداث، وذلك بعد لحظات من إطلاق النار على أبو القيعان وهو يقود مركبته، الأمر الذي أدى إلى دهس الشرطي ليفي.
واعتمد التقرير على تركيب مواد مصورة من كاميرات أفراد شرطة الاحتلال والصحافيين والناشطين الذين تواجدوا بالمكان خلال الاعتداء على السكان وإخلاء القرية، بالإضافة إلى صور من مروحية الشرطة.
ويعزز ما ورد في التقرير تقديرات وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة “ماحاش” و”الشاباك”، بأن حادث الدهس لم يكن “هجوما إرهابيا”، ويدعم أيضا رواية النائب أيمن عودة، الذي أصيب بجروح جراء تعرضه لرصاصة إسفنجية بعد مقتل المربي أبو القيعان، إذ سيكون بإمكان الجمهور الاطلاع على التقرير الذي سيعرض حتى شهر أيلول/سبتمبر المقبل في متحف “ويتني” في نيويورك.
ويظهر الشريط المصور أن المربي أبو القيعان فقد السيطرة على المركبة التي كان يقودها بعد تعرضه لوابل من الرصاص، حيث سارت المركبة بسرعة وتوقفت بعد ثوان وسمع منها صوت “زامور”.
كما يظهر من خلال الشريط أن أحد أفراد الشرطة فتح باب المركبة التي قادها أبو القيعان، ويقدر التحقيق أن احتمال إصابته برصاص أحد عناصر الشرطة من مسافة قريبة “أمر غير معقول”، على حد تعبير الصحيفة.
ويكشف التحقيق بالإضافة إلى ذلك، عن نتائج إضافية فيما يتعلق بحادث وقع في مكان قريب، حيث قال النائب عودة إنه أصيب في رأسه برصاصة إسفنجية، الأمر الذي أنكرته الشرطة وزعمت في روايتها أنه أصيب في موقع شهد إلقاء حجارة من المحتجين.
ووفقا لمعدي التحقيق، فإن “ماحاش” لم يحول لممثلي النائب عودة ثلاثة مقاطع فيديو التقطها ضباط الشرطة، حيث كان بإمكانها تسليط الضوء على الحادث، فقد تم نشر واحدا منهم فقط العام الماضي على القناة العاشرة الإسرائيلية، لكن تم شطب الثواني التي توثق لحظات إصابة عودة، كما تم شطب المقاطع التي يُسأل فيها رجال الشرطة عن الحادث.
وأوضح التقرير أن المواجهة بين عناصر الشرطة وعودة والناشطين، وقعت بعد بضع ثوان من هدم المنازل بالقرية وإطلاق النار على أبو القيعان، وذلك عندما حاول الناشطون الاقتراب من المنطقة.
وكانت وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة، أوصت بإجراء تحقيق مع أحد أفراد الشرطة تحت طائلة التحذير، وذلك بعد الأدلة التي تلقاها من “الشاباك” والتي تفيد الاشتباه بأنه تسبب بمقتل أبو القيعان، إلا أن مكتب المدعي العام رفض التوصية، وتقرر إغلاق الملف، ولم يتم استجواب أي شخص كمشتبه به في إطلاق النار.
وقال رئيس المركز الحقوقي بالجامعة التي أعدت التقرير البروفيسور إيال فايتسمان: “يظهر تحليلنا بشكل لا لبس فيه أن هذا ليس عملا إرهابيا أو شيئا مشابها”. مضيفا: “لقد نجم حادث الدهس نتيجة لفقدان أبو القيعان السيطرة على مركبته إثر إطلاق النار، ما أدى إلى إصابته ونزفه حتى الموت، في حين لم يقدم له أحد من الشرطة أي مساعدة”.
وتابع “لذلك فإن الحادث مع عودة مهم للغاية، لأنه كان مع ناشطين آخرين في مكان قريب الذين طلبوا الحضور للمكان لتقديم المساعدة لأبو القيعان، وهو ما كان سينقذ حياته”.
وأضاف أن “هناك مواد كثيرة توثق إخلاء أم الحيران، إذ حصلنا على أدلة وتوثيقات من عدة جهات، توضح أن الشرطة كانت مسؤولة عن مقتل أبو القيعان والشرطي ليفي، إلى جانب إصابة عودة”.
وتابع “ما رأيناه هو محاولة مستمرة من قبل الشرطة للتلاعب بالأدلة التي شملت عدم تقديم الأدلة، إذ يجب محاكمة الشرطي الذي أطلق الرصاص الحي على أبو القيعان وأولئك الذين أطلقوا الرصاص على عودة”.
المصدر: شبكة فلسطين الاخبارية