نشاهد هذه الأيام حالة من طوفان الشارع الفلسطيني لمقاطعة البضائع الإسرائيلية كردة فعل على مجازر الاحتلال في غزة، بكل تأكيد هذا الطوفان مهم... لكن علينا دراسته قبل كل شيء حتى يتم البناء عليه، والتطوير من خلال إستراتيجيات عملية وربطه بالهدف الأساسي وهو التحرر من الاحتلال، فهذا السلاح تم استخدامه في الهند وجنوب إفريقيا للتحرر من الانتداب البريطاني والتخلص من نظام الفصل العنصري.
لهذا أعتقد علينا عدم التعاطي مع هذا السلاح كردة فعل على شلال الدماء في غزة فقط، فتكون المقاطعة أشبه بزوبعة في فنجان.
يحق لنا طرح عدد من الأسئلة التي يجب التفكير بها ليس بطريقة سؤال وجواب بقدر ما نحن بحاجة الى استحضار تجارب الماضي، والنظر الى الواقع بتجرد كامل حتى تتم عملية التقييم والتخطيط ببناء استراتيجيات عمل؛ كي يتم حمل سلاح المقاطعة من قبل الجميع فلسطينياً وعربياً وعالمياً.
أسئلة سريعة: هل هناك خطة من أجل المقاطعة؟ وهل نحن بحاجة لخطة من أساسه؟ أم نتركها فقط للشارع الفلسطيني ليفعل ما يشاء بهذا السلاح؟ وهل الشارع الفلسطيني سيحمل هذا السلاح بشكل جماعي أم أفراد؟ وكلاء المنتجات الإسرائيلية هل يتم التعامل معهم كما يتم التعامل مع وكلاء المنتجات العربية والأجنبية؟! هل المقاطعة خلال الأيام الماضية أصبحت وعاء تفريغ الغضب .. القهر.. بسبب المجازر التي ترتكب بحقنا؟ أم أن هناك حالة وعي انفجرت بهذا الوقت تحديداً؟ وإذا كان هناك حالة وعي انفجرت الآن... لماذا هذا الوعي لم ينفجر في عام 2008 أثناء العدوان على غزة رغم أن المفترس والضحية لم يتغيروا؟ وهل هناك علاقة بعدد الضحايا حتى يتم ولادة هذا الوعي؟ كان هناك أكثر من 1500 شهيد في غزة عام 2008!! هناك احتلال اسرائيلي دائم يقتل الفلسطيني ويسرق أرضه بشكل يومي!!
من جانب آخر، لماذا لم يتم البناء ودعم الحملات السابقة المختصة في مقاطعة البضائع الإسرائيلية، على سبيل المثال لا الحصر الحملة الوطنية لمقاطعة منتجات المستوطنات "صندوق الكرامة الوطنية والتمكين المناهض لمنتوجات المستوطنات" التي أطلقتها الحكومة الفلسطينية عام 2010 من خلال وزارة الاقتصاد، بهدف تنظيف السوق الفلسطيني من منتجات المستوطنات، وتمكين المنتج الوطني. مع الأخذ بعين الاعتبار بأن المجتمع الدولي على الصعيد الرسمي والشعبي يقف معنا في مقاطعة بضائع المستوطنات إلا أننا لم نقم كالعادة بوظيفتنا من أجل أن يقوم الآخرين بوظائفهم، بل أن بعض التجار الفلسطينيين وغير الفلسطينيين قاموا بمساعدة هذه البضائع بالانتشار بطرق ملتوية منها وضع ملصقات وأسماء جديدة!! وهنا أتمنى من الحكومة بشكل عام والوزارات ذات الاختصاص إعادة تفعيل هذا الملف على الصعيد المحلي من خلال مراقبة الأسواق وتنظيفها من بضائع المستوطنات، وعلى الصعيد الدولي فمقاطعة بضائع المستوطنات أمر لا يتعارض أبدا مع القوانين والقرارات الدولية. وهكذا يتم التكامل مع مقاطعة الشارع الفلسطيني" أفراد، مؤسسات أهلية" للبضائع الإسرائيلية بشكل عام، والحكومة تتمرد على الاتفاقية المجحفة بحقنا "اتفاقية باريس" بطريقة دبلوماسية على الصعيد الدولي بمقاطعة منتجات المستوطنات.
البعض يتعامل مع فعل مقاطعة البضائع الإسرائيلية في الوقت الحالي كأنها موجة يريدون أن يركبوها لأسباب مختلفة تصب جميعها في المصلحة الفردية، أعتقد على وسائل الإعلام والمجتمع توريط هؤلاء بأشكال متنوعة، بحيث يتم تحويل مصالحهم الضيقة الى مصلحة وطنية فقط لا غير.
وحتى لا يكون كل التركيز على المواطن المستهلك، يجب على المنتجين والتجار تحمل المسؤولية أيضاً وبشكل كبير متكامل مع بعضهم البعض، بحيث يكون هناك خطط تستهدف جميع شرائح المجتمع الفلسطيني ليس من حيث الترويج للمنتج وإنما قيمة هذا المنتج في بناء التحرر الفلسطيني، فالمنتج الواحد هو عبارة عن: عامل وتاجر ومزارع ومحاسب وبنك ومصنع ووزارة وراتب وضريبة و بالتالي وطن بأكمله يتم دعمه من خلال هذا المنتج، ومن جانب آخر يجب أن يتم تقديم خدمات كاملة ليس من منطلق الربح فقط بقدر ما هو تعزيز روح المسؤولية بتقديم جودة وسعر للمنتجات تضاهي أي منتج آخر. حان الوقت لوضع خطط تستكمل الجهد الماضي لهذا السلاح المهم، والتنسيق بالحملات المختلفة التي تهدف الى ذات الهدف بالتالي سنتمكن من توسيع الحيز المستهدف سواء على الصعيد البشري أو الجغرافي.
وإذا سمحتم لي، أود أن أشكر مع انحنائي احتراماً وتقديراً لرجل يعمل بشكل مستمر ودائم وبنفس طويل عميق بمقاطعة البضائع الإسرائيلية بعمل ميداني دائم بسواعده السيد خالد منصور، عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، منسق الحملة الشعبية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية. وأيضاً أود أن أشكر كل الأفراد فلسطينياً، عربياً دولياً، الذين تعاطوا بكل ما لديهم من مواهب_ رسم، تصوير، انتاج، تصميم، إخراج......الخ_ مع فعل المقاطعة. الذين يقدمون كل ما لديهم بعيداً عن ما يسمى ربح أو خسارة... فما هو لهم هو للوطن.... الى الأمام يا شباب.