سمّى ملك ماليزيا رئيس الوزراء الجديد، السبت 29 فبراير/شباط 2020، وقال إن محيي الدين ياسين، سيصبح رئيساً للوزراء، وإنه قد ينال تأييد أغلب أعضاء البرلمان، ثم سيؤدي ياسين الذي حاز دعم أحزاب المعارضة اليمين الدستورية في أول مارس/آذار، ليصبح خلفاً لمهاتير محمد، الذي كان حليفاً سابقاً له، وحصل على منصب وزاري في حكومته قبل أن ينقلب عليه ويشكل تحالفاً جديداً معارضاً لسياسته.
فيما يعتزم البرلمان الماليزي التصويت، الإثنين 1 مارس/آذار، لاختيار رئيس الوزراء لإخراج البلاد من أزمة سياسية محتملة، لأنه في حال تعذّر حصول المرشح على عدد الأصوات الكافي سيتم إجراء انتخابات مبكرة، وفق ما أعلن رئيس الوزراء الانتقالي مهاتير محمد (94 عاماً).
انقلاب الحليف السابق: وُلد محيي الدين (72 عاماً) في جوهور في شبه جزيرة الملايو الجنوبية، وهو خريج جامعة مالايا. وعمل في صفوف المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة (تحالف باريسان الوطني)، وخدم 6 سنوات كنائب لرئيس الوزراء في عهد نجيب عبدالرزاق -رئيس وزراء ماليزيا السابق من 2009 حتى 2018 ويحاكم الآن في قضايا فساد-، لكنه انتقده بعد اتهامه بتقاضي أموال في صفقات سلاح عديدة، ليتم طرده من الحزب في 2015.
هذا التحالف حكم البلاد لأكثر من ستة عقود حتى مايو/أيار 2018، قبل أن يتحد مهاتير مع أنور إبراهيم وأحزاب أخرى في “تحالف الأمل” لمنافسته في انتخابات 2018، والتي انتهت كما هدف الرجلان من ائتلافهما، قبل أن يزيد التوتر بينهما بعد امتناع مهاتير عن إعلان جدول زمني محدد لتسليم السلطة لأنور.
ثم شكّل محيي الدين بعدها تحالفاً مع مهاتير «حزب بيرساتو»، حيث أصبح محيي الدين الرجل الثاني في الحزب، ويعلوه مهاتير في منصب رئيس مجلس إدارة الحزب، لكن هذا التحالف لم يستمر بعد انسحاب محيي الدين وتشكيله جبهةً جديدة مع أحزاب المعارضة السابقة، وهي: المنظمة القومية الملايوية المتحدة (أمنو)، والحزب الإسلامي الماليزي (باس)، بالإضافة إلى بعض المنشقين عن الحزب الحاكم في ماليزيا، ويُعد هذا التحالف الجديد معارضاً لسياسة مهاتير، الحليف السابق وسلفه برئاسة الوزراء.
كان ياسين قد حصل على منصب وزير الداخلية في حكومة “تحالف الأمل” بعد فوزه بالانتخابات في 2018، واستمر محيي الدين في منصبه منذ 21 مايو/أيار 2018، وحتى 24 فبراير/شباط 2020.
عودة إلى الوراء: أعلن مكتب رئيس الوزراء، الإثنين 24 فبراير/شباط 2020، أن مهاتير أرسل خطاب استقالته إلى الملك عبدالله رعاية الله المصطفى بالله شاه، وقد قبلها الملك، ما يعني أن الدعوة لانتخابات مبكرة في البلاد تظل واحداً من السيناريوهات، لكنه ربما لا يكون أقربها على أرض الواقع حال تأييد البرلمان على القرار الملكي بشأن تعيين محيي الدين.
استقالة مهاتير تأتي على خلفية تفجر الخلافات داخل الائتلاف الحاكم (تحالف الأمل) بسبب رغبة أنور إبراهيم -المنافس السياسي لمهاتير- في أن يحدد مهاتير موعداً للتخلي عن رئاسة الحكومة، بينما يصرّ مهاتير على أنه سيحدد موعد تخليه عن رئاسة الوزراء فقط بعد أن يضمن انتقالاً سلساً للسلطة.
تحالف الأمل: يضم “تحالف الأمل” أربعة أحزاب رئيسية اتفقت فيما بينها مطلع يناير/كانون الثاني عام 2018 على دخول الانتخابات العامة معاً في مواجهة حزب المنظمة الملايوية القومية المتحدة (أمنو)، وقد شمل الاتفاق وقتها أن يتخلى مهاتير عن رئاسة الوزراء -دون تحديد موعد محدد- لأنور إبراهيم بعد الفوز في الانتخابات، ومع ضغوط إبراهيم وحلفائه المتكررة كي يحدد مهاتير موعداً لتسليم السلطة حسب الاتفاق، بدأت بوادر الأزمة، وظهر الاستقطاب جلياً بين تيارين: أحدهما يريد استمرار مهاتير في السلطة، والآخر يريد تنفيذ الاتفاق.
توترات بين مهاتير وأنور: ترجع العلاقة بين مهاتير، زعيم حزب بيرساتو، وأنور إبراهيم، زعيم حزب عدالة الشعب، إلى حكومة مهاتير الأولى قبل عقود، حيث كان إبراهيم نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للمالية، وكانت العلاقة بينهما وقتها ممتازة، وكان ينظر إلى إبراهيم على أنه خليفة مهاتير محمد في السياسة الماليزية، لكن وقع خلاف بينهما حول كيفية مواجهة الأزمة المالية التي ضربت النمور الآسيوية أواخر تسعينيات القرن الماضي، وقام مهاتير بإقالة أنور إبراهيم من منصبه وحكم عليه بالسجن ست سنوات بتهم فساد.