خاضت أول 15 امرأة سعودية، تجربة السيارة الذكية على مستوى المملكة؛ حيث ساهمت المحاضرة بجامعة الملك خالد -قسم نظم المعلومات- والمبتعثة لنيْل الدكتوراه بمجال الذكاء الاصطناعي والسيارات ذاتية القيادة بالجامعة الماليزية التكنولوجية UTM، أريج بنت أحمد الشعفي، في تحقيق حلم الكثيرات لتجربة الحافلة الذكية التي تم تدشينها مؤخرًا بشركة الاتصالات السعودية.
يأتي ذلك بعد مرور عام وثمانية أشهر على صدور الأمر الملكي الخاص بالسماح للنساء بالقيادة لأول مرة في تاريخ المملكة، وكان ذلك بتاريخ 24 يونيو 2018، وتحققت أحلام الكثيرات بفضل الله ثم بفضل كل من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -يحفظهما الله- وأصبح مسمى السائقات المبتدئات بالمملكة يمثل شريحةً كبيرة جدًّا من أعمار وأجيال مختلفة.
وكما هو الحال بأي دولة في العالم؛ فإن السائقة المبتدئة تحتاج إلى ما يقل عن 6 أشهر للحصول على الخبرة الكافية في القيادة؛ في حين أن هناك مئات من الفتيات ما زلن يتخوفن من القيادة ويكتفين بالبدائل مثل سائق خاص، أو سيارات الأجرة.
وتبنّي فكرة السيارات ذاتية القيادة أو المزودة بتقنيات مساندة للسائق، تساهم بشكل كبير في دعم السائقات المبتدئات لتجاوز مخاوفهن؛ وبالتالي الحد من الحوادث التي ربما قد تكون قاتلة والناجمة عن انعدام الخبرة أو التشتت الذهني للسائقة، كما تعمل السيارات الذكية على التقليل من استقدام العمالة الوافدة (سائق خاص) والذي يكلّف المملكة مبالغ طائلة، كما يدعم تبني السيارات الذكية رؤية 2030 التي من أهدافها تفعيل استخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.
وتبذل المملكة جهودًا مكثفة من أجل استغلال الذكاء الاصطناعي لمنح اقتصادها دفعة كبرى، فقد جذبت السعودية الأنظار إليها بمنح جنسيتها للروبوت "صوفيا" الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي، كما لفتت انتباه العالم بكشفها عن خطط تطوير مدن ضخمة تُدار بالروبوتات على ضفاف البحر الأحمر؛ فقد حان الوقت لتبنّي السيارات الذكية بالمملكة؛ لتصبح الوجهة الأكبر لاستثمار السيارات الذكية بالشرق الأوسط.
وتحدثت المحاضرة الطموحة "الشعفي" لـ"سبق" وقالت: "الحافلة الذكية تُمَثّل المستوى الخامس والأخير من المركبات الذاتية القيادة والتي تعمل دون الحاجة لسائق نهائيًّا وهذا إنجاز كبير يحسب للشركة؛ حيث وجهت الدعوة لعدة أكاديميات وطالبات بالمشاركة في التجربة من أجل تحليل تصوراتهن بدقة، ولقيت الدعوة قبول الكثيرات منهن.
وأضافت: "قمت باستخدام نظرية التباين التي تهدف إلى دراسة فوائد وأضرار تبني السيارات الذكية مستقبلًا، ولمعرفة مَن منهما له التأثير الأكبر على نية التبني بواسطة السائقات المبتدئات مستقبلًا"؛ مشيرة إلى أن الفوائد المرجوة هي "تدريب السائقات المبتدئات، وتحسين أداء السائقات المبتدئات، والاستمتاع بالقيادة، وسهولة القيادة بتقليل الجهد الذهني اللازم لقيادة المركبة"، كما تتضمن الأضرار المتوقعة "مستوى الحماية، الأداء، الوقت، التكلفة المادية، المخاوف النفسية".
وبيّنت أنه تم قياس الفوائد والأضرار قبل وبعد التجربة، ومن الملفت للانتباه أن الأضرار التي كانت متوقعة قبل التجربة مثل: "مخاطر الأمان والأداء والوقت، والمخاطر النفسية"، زالت نهائيًّا بعد التجربة؛ مما يشير إلى تقبّل الفكرة بشكل كبير.
وذكرت الباحثة، أن تجربة الحافلة الذكية يمكن الاستفادة منها في قطاعات مختلفة منها مدارس تعليم القيادة لتدريب السائقات المبتدئات، مع ضرورة تطوير التقنية بإضافة شاشات داخلية توضّح خط سير الحافلة، وكيفية تنفيذ مختلف مهارات قيادة السيارة بشاشات داخلية تفاعلية؛ مما يسهم في تدريب أعداد كبيرة في فترة زمنية قصيرة؛ وبالتالي تخفيف الضغط على مدارس تعليم القيادة بالمملكة.
وقالت: "من خلال النتائج المبدئية التي تَوَصلت لها من خلال التجربة، يمكن تقديم توصيات إلى مُلّاك محلات السيارات وإلى صُنّاع القرار ومطوّري السيارات الذكية مثل BMW، Lexus، Tesla، Audi بأن فكرة تبنّي السيارات الذكية والمزودة بتقنيات قيادة ذاتية لها قبول كبير من السائقات المبتدئات بالمملكة؛ مما يشجع المستثمرين على تبني الفكرة بالمملكة.
وبيّنت "الشعفي"، أن الذكاء الاصطناعي قد تَطَوّر ليصبح من القطاعات المهمة التي تشهد توسعًا سريعًا واهتمامًا كبيرًا على مستوى العالم؛ حيث تتوقع الدراسات الحديثة أن يشكل الذكاء الاصطناعي 45% من إجمالي عائدات الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030؛ مما يسهم في رفع الناتج المحلي لدينا في المملكة العربية السعودية بحلول عام 2030؛ لذا من المهم تسليط الضوء على المشاريع والمبادرات والشراكات بمجال الذكاء الاصطناعي حول العالم، وتسخيرها بشكل إيجابي في خدمة الحكومات والشركات والمؤسسات عن طريق وحدات الذكاء الاصطناعي بالجامعات.
هذا وقد أعربت "الشعفي" عن شكرها لـ"سعد المحيميد"، و"سلطان العنزي" من إدارة النقل بشركة الاتصالات السعودية على قبولهم لطلب الزيارة وتجربة الحافلة الذكية، وأيضًا توفير كل ما أسهم في إنجاح التجربة من نقل وتشغيل ومراقبة وسلامة مرورية للمشاركات.