الرئيسية / مقالات
الصهيونية وداعش.. مقاربات أولية بقلم: رامي مهداوي
تاريخ النشر: السبت 16/08/2014 09:10
الصهيونية وداعش.. مقاربات أولية بقلم: رامي مهداوي
الصهيونية وداعش.. مقاربات أولية بقلم: رامي مهداوي

 ما بين التاريخ والحاضر هناك العديد من الأحداث التي تكرر ذاتها، لكن بثوب مختلف بسبب التطور الحضاري والفكري الذي لا ينعكس بالضرورة على مفهوم الأخلاق واحترام الإنسانية، عند قراءة التاريخ بفترات مختلفة تجد بأن هناك مسميات مختلفة تحمل فكر_أيديولوجية_ ما بأدوات مختلفة تهدف الى السيطرة الشمولية على الأرض والإنسان.
وقبل الدخول الى جوهر الموضوع، وحتى لا يتم اتهامي بمعاداة السامية_ على الرغم بانتمائي وانتماء كل العرب الى العرق السامي_ فإن ما قامت به النازية ضد اليهود هو لا إنساني، وبالتالي فإن ما تقوم به إسرائيل ضد أبناء شعبي هو لا إنساني أيضاً بل هو أخطر من ذلك لعدد من الأسباب أهمها بأن ما تقوم به إسرائيل هو محو شعب كامل عن الوجود بمعنى الكلمة، كل ذلك بصمت دولي وتحت مظلة الأمم المتحدة التي تهدف الى ضمان السلم والأمن الدوليين!! 
ما أشاهده بشكل يومي من عمليات قتل وإبادة جماعية على يد داعش لا يستوعبه العقل البشري، ومع تلك الإبادة هناك إبادة بثوب مختلف وهو ما يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي من حفل اعدام جماعي وببث حي ومباشر من قطاع غزة، وما تقوم به قطعان المستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل يومي بالضفة الغربية من قتل وتنكيل على ذات الشعب أيضاً لا يقبله العقل البشري. وعلى الرغم من أن كل جهة لها هدف مختلف تنفذه بأدوات وأساليب مختلفة، إلا أنني أقول ان داعش عبارة عن أداة تخدم الاحتلال الإمبريالي للمنطقة وبالتالي هي ذراع أساسي لتنفيذ حلم الصهيونية في اعادة ترتيب خرائط المنطقة بما يخدم وجود اسرائيل ولسنوات طويلة قادمة، على الرغم من تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، والمرشحة المحتملة لانتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة، هيلاري كيلنتون لموقع موقع (The Atlantic) الأمريكي "المرونة والتوسع التي يتمتع بها الإرهابيون الإسلاميون توجب على الولايات المتحدة أن تقوم بتطوير إستراتيجيتها الشاملة لمواجهتهم، مشيرة إلى أن الصراع مع الإرهابيين يشبه الصراع مع الشيوعية في الاتحاد السوفييتي" وتضيف كلينتون "المجموعات الجهادية تحكم بعض المناطق، وهم لن يبقوا هناك، إنهم ذاهبون للتوسع بالاحتواء والردع وهزيمة هؤلاء." وبذات المقابلة دافعت كلينتون بقوة عن إسرائيل وعن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، وقالت تعقيباً على الحرب ضد غزة "إن نتنياهو فعل ما كان يجب عليه أن يفعله رداً على الصواريخ، ولدى إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، وخطوات حماس بإطلاق الصواريخ وبناء شبكة أنفاق في مناطق مدنية، والسيطرة على العديد من المنشآت، هذا كله جعل الرد الإسرائيلي صعباً".
على الرغم من هذه التصريحات التي تأتي من أميركا أو الغرب بشكل عام، إلا أن الحقيقة تفرض ذاتها بذاتها على داعش والصهيونية، فداعش عبارة عن الصهيونية قبل العولمة، والصهيونية هي داعش ما بعد الحداثة. وبتجرد من اعتباراتي الفلسطينية والعربية والإسلامية فإن ما تقوم به الصهيونية وداعش لهو أكبر جريمة إنسانية تنفذ في التاريخ المعاصر، والأخطر من هذا كله هو تشويه الإسلام بأعمال داعش، وتبرير الجرائم الصهيونية مع أن هذه الجرائم الماضية والحالية طالب بها ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية الحديثة وهو صاحب فكرة إقامة الوطن اليهودى فى فلسطين بكتابه "الدولة اليهودية" بقوله: "إن نجح اليهود فى خلق دولتهم سيرحلون إليها فى هجرة تدريجية و عليهم أن يدركوا أنهم سوف يغادرون إلى دولة بها وحوش مفترسة لا ينفع لمواجهتها حمل الرمح و الحربة أو الذهاب فرادى إلى هناك لمطارده الدب الذي فى الانتظار، بل على اليهود أن يذهبوا إلى هناك فى جماعات كبيرة قادرة على سوق هذه الحيوانات أمامها و أن يقذفوا بقنابل شديدة الانفجار وسط جموعها من وقت لآخر لإرهابها".
وفي الفلسفة الداعشية – السلفية الجهادية التكفيرية- يظهر امامنا فكر استعلائي على العالم وابناء الملة والدين، فكل المجتمعات هم اغيار( كفرة، مرتدين، عصاة) ينبغي ان يستتابوا كي يقبلوا في النسخة الخاصة من الدين، وقد مارست داعش في الموصل فكرة الاستتابة الجماعية، اذا افتتحت 58 مركزا في المساجد كي يستتاب الادنى درجة دينيا بشهادة فردا فردا، بماذا تختلف هذه الفكرة العنصرية عن الممارسة الصهيونية الاولى بالقتل مع الترويع، ومشهد قطع الرؤوس ودحرجتها في الساحات مقرونة بالأهازيج الاحتفالية.
ما بين النظرية والتطبيق تضيع القيم والأخلاق، ليذهب ضحيتها أولاً وأخيراً الإنسان بهويته المختلفة العراقية، السورية، أهل السنة، الفلسطينية، الايزيديين، أهل الشعية، اللبنانيين، المسيحيين، الأكراد. ما يحدث في المنطقة هو تطهير عرقي بمعنى الكلمة تقوم به اسرائيل وداعش، فكيف يتم تفسير المعلومات المتوفّرة لدى "بتسيلم" وهي:"قُتل داخل 70 بيتًا سكنيًّا قُصفت بالمدفعيّة أو بالطائرات، أكثر من ثلاثة أفراد لعائلة واحدة. وتصل حصيلة الأفراد القتلى جراء عمليات القصف هذه إلى 542 شخصًا، غالبيّتهم من القاصرين والنساء: 242 قاصرًا، 126 مرأة حتى سنّ 60، 25 شخصًا فوق سنّ الستين. كيف يتم تفسير إبادة قبائل كاملة عند الأكراد والايزيديين؟
واذا كانت الصهيونية هي اداة المرحلة الاستعمارية في اعلى مراحلها لتفتيت واحتلال ونهب المنطقة، فان داعش في طبعتها المعاصرة هي اداة تفتيت للمنطقة دولا ومجتمعات، سنحمل اثارها المدمرة لسنوات طوال .

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017