mildin og amning graviditetogvit.site mildin virker ikke"> mildin og amning graviditetogvit.site mildin virker ikke">
حملة مقاطة البضائع والمنتوجات الإسرائيلية هي الحدث الأكثر إنتشاراً وإمتداداً هذه الأيام. صدى هذه الحملة وفعالياتها يمكننا أن نجده في كل لحظة من حياتنا هذه الأيام، في وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمطبوع، وعلى إختلاف وتنوع برامجها ومناطقها الجغرافية، ونجده كذلك في نشاطات معظم الهيئات والمؤسسات المجتمعية الحكومية وغير الحكومية. نجد صدى الحملة في كل مكان، في الشارع والسيارة والمنزل وسوق الخضار، في المؤسسات والشركات والمحلات التجارية، نجده في القرى والمدن والمخيمات وكل تجمعات الشعب الفلسطيني، وخاصة في الضفة الغربية. إنها حدث وتيار عارم وطاغي لدرجة يصعب فيها على أي مواطن أن يقف في مكان ما ويسأل بعض الاسئلة، التي ربما تكون منطقية ومشروعة وتحتاج إجابة فعلية.
هذه الحملة لم تبدأ مع العدوان اإسرائيلي الأخير على قطاع غزة الذي بدأ في تموز الماضي. بل كانت العديد من المؤسسات والمنظمات قد بدأت قبل أشهر عديدة حملات لمقاطعة المنتوجات الاسرائيلية تحت شعارات ومسميات ومنطلقات مختلفة، وتزامنت مع العديد من النجاحات التي حققتها حركة المقاطعة الدولية للإحتلال عامة، ومستوطناته بشكل خاص. وشهدنا حملات نسائية لللمقاطعة، وأخرى شبابية، وإعلامية وغيرها. شهدنا فعاليات ميدانية مختلفة بلغت حدود عالية من الإبداع والجرأة منها مثلاً تظاهرات للمجموعات الداعمة للمقاطعة داخل المحلات التجارية المشهورة بإسم رجل الأعمال الإسرائيلي "رامي ليفي".
إكتسبت حملة المقاطعة هذه الأيام قوة دفع كبيرة وزخم عالي بعد بدأ العدوان الإسرائيلي الحالي على قطاع غزة. ولعل مشاهد القتل والتدمير والجرائم الإسرائيلية خلال العدوان كانت من أبرز المحفزات التي ساهمت في دعم قوة الحملة وسرعة إنتشارها الكاسح خلال أسابيع قليلة. ولعل المُتابع للشعارات الأساسية للحملة يمكنه وبسهول أن يرى أن الشعار الرئيسي الذي تربع على عرش الحملة، رغم اختلاف الهيئات والجهات والمؤسسات والأدوات المستخدمة وغيرها من الإختلافات هو شعار يدور حول رسالة رئيسية تركز وتلامس مشاعر كل فلسطيني وموقفه من مشاهد القتل والدمار والجرائم الإسرائيلية. وحين يقول الشعار "لا تدفع ثمن الرصاص او القذائف" التي يقتل الاحتلال بها أبناء شعبك، أو "شرائك لبضائع الإحتلال دعم للعدوان"، وهذه أمثلة انما تعكس رسالة رئيسية وذات مضمون يركز على توحيد مشاعر الغضب والرفض لممارسات الإحتلال وتوجيهها بإتجاه مقاطعة بضائعه.
بدون التقليل من أهمية الحملة الحالية، بل ومن باب الحرص على تطويرها وترسيخها على أسس صلبة ومتينة، لكي تتحول الى نمط حياة وسلوك يومي لكل مواطن، وفي كل ظرف من الظروف فانني أرى أن هناك عدد من الأمور التي يتوجب الإنتباه لها جيداً وهي:
أولاً: المرجعية الموحدة، التي بدونها يمكن أن تتحول المقاطعة الى مجرد حدث عابر في حياتنا، تتراجع وتيرته وزخمه عند محطة معينة، وتفقد الحملة إمتدادها وقوتها الجماهيرية. وربما قد تتحول الى أشكال من تسجيل المواقف ليس إلا، أو حتى المزاودات، أو في أحوال أحسن أن تنحصر في أطر ومجموعات محددة. والمرجعية الموحدة في اعتقادي هامة لأسباب كثيرة وعديدة لعل أهمها هو
ثانياً: قراءة معمقة للخبرات والتجارب السابقة المتراكمة في هذا المجال، والبناء على التجارب السابقة، مثلا خلال الإنتفاضات الأولى والثانية، ما سبقهما وما تبعهما من حملات للمقاطعة. والإستفادة من هذه التجارب، بكل ما لها وما عليها، في توجيه بوصلة الحملة الحالية. لدينا على سبيل المثال لا الحصر تجارب مثل العصيان المدني خلال الإنتفاضة الأولى، حملات مقاطعة العمل في المستوطنات الإسرائيلية... الخ. وهي تجارب ينبغي الإستفادة منها سواء نجحت أم فشلت، والأسباب والفرص والتحديات التي واجهتها.
ثالثاً: تحديد شكل ومستوى ومضمون العلاقة مع حملة المقاطعة الدولية، من منطلق أنه لا يجوز تجاخل الحملة الدولية بكل تفاصيلها، وإيجاد الرابط المناسب معها من ناحية، ومن الناحية الأخرى عدم السماح بذوبان المقاطعة الدولية بالمقاطعة المحلية أو العكس، فرغم التشابه إلا ان هناك عدد من نقاط الإختلاف الناشئة أساساً من تعقيدات العلاقات الدولية للصراع مع الإحتلال، إضافة الى واقع وظروف وشروط حياة شعبنا تحت الإحتلال والإمكانيات المتوفرة، أو التي يمكن العمل على توفيرها له خلال النضال والصراع مع الإحتلال.
رابعاً: بحث ودراسة البدائل، ولا أقصد هنا البدائل بالمعنى الحرفي، أي كما هو متداول بضاعة بديل لبضاعة مشابهة. وانما أقصد المعني الأعمق وهو ما هي الأمور التي يمكن الإستغناء عنها، مؤقتاً أو بصورة دائمة، وما هي البدائل للأمور التي تعتبر من أساسيات الحياة؟ هل هي موجودة أم غير موجودة؟ وإذا كانت موجودة كيف يمكن تطويرها وتحسينها لتلبي الحاجات كماً ونوعاً؟ كما يشمل ذلك إعداد الخطط والبرامج لتحقيق كل ذلك، أين يجب توجيه الجهد وتوفير الموارد اللازمة؟ في أية قاطعات ومجالات؟ وكيف يمكن الإستفادة من كل ذلك في مواجهة وتقليص ظواهر مختلفة يعاني نعاني منها كالبطالة مثلاً؟ ومن هي الفئات التي ستستفيد؟.. وغيرها من الإعتبارات التي يمكن ان تواجهنا في هذا المجال.
خامساً: دور المواطنين عامة، والهيئات المجتمعية على إختلافها في التخطيط والمشارة والتنفيذ وتقييم نتائج الجهد والعمل والرقابة عليه. ومن المهم هنا تحديد نقطة الإرتكاز الرئيسية من مثل: ما هو دور المواطن العادي؟ هل هو المقاطعة والإلتزام؟ أم المشاركة في صناعة القرار؟ وما هو دور المواطن في المتابعة والرقابة على مجمل الحملة ونتائجها.
سادساً: البحث في تفاصيل الشعار أو الشعارات، لضمان صياغة دقيقة تجعل من الممكن تحويل الشعار الى أداة تساهم في تقريب المسافة بين الجوانب العقلية والجوانب المرتبطة بالمشاعر والأحاسيس. لأنه بدون ذلك يمكن أن نصل الى مرحلة من التضارب، أو على الأقل فقدان الصلة بين الإثنين، وهذا ما يفقد الحملة الكثير من الزخم والقوة. مثلاً الإستمرار في التركيز على الربط بين القصف والقذائف والرصاص والدمار والقتل الاسرائيلي الحالي في قطاع غزة والمقاطعة لا يمكن أن يحافظ على نفس القوة مثلاً في حال الوصول الى إتفاق "وقف إطلاق نار" ، وبالتالي تراجع حدة القتل والتدمير، هذا مع العلم أن الشعار لن يتمكن حينها من الإجابة عن مسألة ماذا لو إستمر الحصار على قطاع غزة؟ كما أن التركيز على مليارات الدولارات التي يخسرها الإحتلال مع إستمرار المقاطعة سيكون لاحقاً بحاجة للإجابة على سؤال هل نكسب نحن هذه المليارات؟ ومن يكسبها بالتحديد؟ وهل ستنعكس على مستوى تنوع وجودة السلع الفلسطينية، او خفض اسعارها؟ أو على تقليص معدلات البطالة مثلاً؟
أكتفي الى هذا الحد بالقضايا السابقة، رغم أن كل منها تحمل في طياتها الكثير الكثير من التفاصيل التي يجب التوقف عندها. وقد عرضتها هنا لأن هناك الكثير من الأسئلة التي يتهامس بها المواطنون العاديون يومياً، فيما بينهم ويبحثون عن إجابات لها. وهم وخلال مبادراتهم وإبداعهم في تعزيز وتكريس حملة المقاطعة وزيادة قوة زخمها لا يتوقفون عن التساؤل بكل ما يصطدمون به، ولا يجدون الإجابات الشافية. إن الإستمرار في تجنب مواجهة وبحث هذه القضايا، والإجابة عليها من شأنه أن يقود الى زيادة الأسئلة والتساؤلات لدى المواطن العادي، وإرتفاع حدتها من "الهمس" الى الفضاء العلني، وبالتالي النقاش العام والواسع وهو ما يعني اولاً وقبل كل شيء تراجعات في قوة وزخم حركة المقاطعة، وربما تحولها الى مجرد هبّة لا تترك أثراً أو تغييرات حقيقية في نمط وطبيعة وسياق تطور مجتمعنا وصراعه مع الإحتلال.