فرضت السلطات في عدة دول حالة من الإغلاق على القردة العليا خشية التهديد المحتمل لفيروس كورونا المستجد.
فقد علقت سلطات دول افريقية البرامج السياحية التي تتضمن زيارة أماكن تعيش بها الغوريلا، فيما مُنعت زيارة محميات تعيش بها أنواع أخرى من القردة العليا، مثل قرد أورانغوتان المعروف باسم "إنسان الغاب".
ومن غير المعروف حتى الآن ما إذا كانت القردة العليا يمكن أن تصاب بالفيروس، ولكن هناك مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الحيوانات، الأكثر شبهاً بالإنسان، معرضة مثله لخطر الوباء.
وفي الأسبوع المنصرم، أثبتت الفحوصات أن أنثى نمر في حديقة حيوان برونكس في مدينة نيويورك الأمريكية قدأصيبت بفيروس كورونا.
وأعربت الطبيبة كيرستن غيلاردي، رئيسة جمعية "أطباء الغوريلا" البيطرية، عن خشيتها من احتمال انتقال العدوى إلى الغوريلا وغيرها من القردة. وتوفر الجمعية الرعاية الطبية للغوريلا في غابات رواندا وأوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
وقالت غيلاردي "لا نعرف ما إذا كان الفيروس يمكن أن يصيب الغوريلا الجبلية، ولم نشاهد أي دليل على ذلك، ولكن لأن الغوريلا الجبلية عرضة للإصابة بأمراض بشرية، فإننا نعلم أنها يمكن أن تصاب بأمراض الجهاز التنفسي".
وتعتبر الغوريلا الجبلية من أنواع القردة العليا المهددة بالانقراض. وهي تعيش فقط في غابات رواندا، وأوغندا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد ظهرت إصابات بفيروس كورونا بين مواطني الدول الثلاث، التي قررت تعليق السياحة التي تتضمن زيارة الأماكن التي تعيش فيها القرود على أراضيها.
يواصل الأطباء البيطريون والحراس، الذين يقومون على رعاية قرود الغوريلا البرية، القيام بمهامهم، ولكن مع اتخاذ احتياطات إضافية. وقالت الطبيبة غيلاردي، التي تدرس أيضا في جامعة ديفيس للطب البيطري في كاليفورنيا، إن "ما نمارسه حاليا، من التباعد الاجتماعي والحجر الذاتي، هو في صميم التوصيات الهادفة لحماية القردة العليا أيضا".
وحتى قبل تفشي وباء كورونا، كان يطلب من الناس أن يحافظوا دائما على مسافة سبعة أمتار من الغوريلا. وتنص التوجيهات الجديدة من الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة على الحفاظ على مسافة لا تقل عن 10 أمتار من القردة العليا، وأن يقتصر اقتراب البشر منها على الحد الأدنى المطلوب للاهتمام بسلامتها وصحتها. كما لا يسمح لأي شخص مريض أو كان على اتصال بشخص مريض أن يقترب من القردة على الإطلاق لمدة 14 يوما.
ويشكل فقدان الأماكن التي تعيش بها القردة العليا والصيد غير المشروع لها تهديدين كبيرين على استمرار بقاء هذه السلالات، لكن الفيروسات مصدر كبير للقلق أيضاً. والآن تم إدراج الأمراض المعدية ضمن أكبر ثلاثة مصادر تهديد بالنسبة لبعض مجموعات القردة العليا.
وأظهرت أبحاث سابقة أن قرود الشمبانزي يمكن أن تصاب بالفيروس المسبب لنزلات البرد، كما يعتقد أن فيروس الإيبولا قد قتل الآلاف من الشمبانزي والغوريلا في افريقيا.
وأكد سيرج ويتش، أستاذ بيولوجيا الرئيسيات في جامعة جون موريس في مدينة ليفربول البريطانية، أن العديد من الحكومات علقت سياحة زيارة أماكن القردة العليا، بينما اتخذ الباحثون إجراءات إضافية للتعامل مع القردة، كما تم اتباع تدابير مشددة في المحميات التي تعيش فيها.
وقال ويتش "لا نعلم إن كان يمكن أن تصاب بالعدوى، ولا نعلم طبيعة الآثار الصحية في حال إصابتها، ولكن نظرا لتأثير الإصابة على البشر، فإن في الأمر مجازفة بالتأكيد لا نريدها مع القردة العليا. بالتالي فإن هذه الاحتياطات التي يتخذها الجميع تعد خطوة مهمة لمحاولة تقليل الخطر".
ومن بين محميات القردة العليا العديدة التي أغلقت أمام الجمهور، مركز سيبيلوك أورانغوتان لإعادة تأهيل القردة في جزيرة بورنيو الماليزية. ويعمل المركز على إنقاذ قردة أورانغوتان، المعروفة أيضا بإنسان الغاب، التي تم صيدها بطريقة غير مشروعة أو الاحتفاظ بها بشكل غير قانوني كحيوانات أليفة، وإعادة تأهيلها في بيئتها الطبيعية.
وقالت سوزان شيوارد، مؤسسة ورئيسة "نداء حماية قرود أورانغوتان" في المملكة المتحدة في بيان "قد يكون هذا المرض (وباء كورونا) قاتلاً بالنسبة لقرود إنسان الغاب المهدّدة بالانقراض، ولا يمكننا تحمُّل هذه المخاطرة. وسنفعل كل ما في وسعنا لضمان حماية صحة وأمان قرود أورانغوتان في سيبيلوك".
وتوجد اليوم أربعة أنواع من القردة العليا: الغوريلا والبونوبو والشمبانزي، التي تعيش في افريقيا، وقرود أورانغوتان التي تعيش في جنوب شرق آسيا.
BBC