سلطت صحف عربية الضوء على الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام حكم الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، بعد مظاهرات شعبية طالبت برحيله.
وفي ديسمبر/ كانون الأول من عام 2019 حكمت محكمة سودانية على البشير بالإيداع عامين في مؤسسة للإصلاح الاجتماعي، مع مصادرة الأموال التي تحصل عليها في قضية "تداول النقد الأجنبي بشكل غير قانوني" والتربّح غير المشروع.
ورأى عدد من الكتاب وجود حالة من الإحباط وعدم الرضا ما زالت تسيطر على جموع الشعب السوداني بعد عامٍ من رحيل البشير، بينما تساءل آخرون إن كانت حكومة ونظام البشير قد سقطا حقا.
يقول أبو بكر محمد أحمد، في جريدة "العربي الجديد" اللندنية: "نطالع هذه الأيام، ونسمع سردياتٍ كثيرة عن اعتصام الثوار السودانيين أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم، والذي بدأ في 6 أبريل/نيسان 2019، بالتزامن مع ذكرى ثورة أبريل المجيدة، وانتهى بواقعة أليمة في 3 يونيو/حزيران من العام نفسه. وبين الاعتصام وفضه المشؤوم تختلف الروايات وتُختلق الحكايات".
ويتابع: "تلك السرديات، على الرغم من تباينها أو تقاطعها، يستشهد أصحابها بمواقف ووقائع محدّدة ومعلومة، ستظل محفورة في الذاكرة الجماعية. أما استمرارية وقعها في نفوس الثوار، فقد تتباين، بحسب تباين قناعاتهم تجاه ما انتهى إليه حال ثورةٍ مُهرت بتضحياتٍ كبيرة، وبحسب تقييمهم المسارات التي سلكتها الثورة بعد سقوط نظام الإنقاذ".
ويضيف: "الثابت أن الاعتصام آل فعله إلى سقوط نظام عمر البشير، ولعل هذا ما يفسر محاولة بعض الأطراف أن تنسب هذا الفضل إليها من دون غيرها، غير أن مجرد 'اقتلاع البشير' الذي أعلنه وزير الدفاع، الفريق عوض بن عوف، لم يرض الثوار، ما هيأ الفرصة للفريق أول عبد الفتاح البرهان ليحل محله".
يقول محمد مصطفى جامع، في جريدة "رأي اليوم" اللندنية إن "حالة الإحباط وعدم الرضا ما زالت تسيطر على جموع الشعب السوداني، فبعد عام كامل من سقوط الطاغية لم يتغير أي شيء على أرض الواقع، بل إن الأوضاع ازدادت سوءا عما كانت عليه أيام المخلوع نتيجة لعوامل عدة داخلية وخارجية".
ويتابع الكاتب: "أولها قبول قوى الحرية والتغيير بتقاسم السلطة مع عسكر اللجنة الأمنية للنظام البائد برئاسة الفريق أول عبدالفتاح البرهان وعضوية قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) وعدد من جنرالات النظام البائد…فالاتفاق منح عسكر النظام البائد سلطة مطلقة على الأجهزة الأمنية والعسكرية".
ويضيف:"استغل هؤلاء الجنرالات فرصة صلاحياتهم الواسعة لعرقلة عمل الحكومة المدنية برئاسة عبدالله حمدوك من خلال سياسة افتعال الأزمات وإغراق البلاد في أتون الفوضى وارتفاع أسعار السلع الأساسية وتضاؤل قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكي بصورة غير طبيعية".
ويختتم الكاتب مقاله بالقول: "بُحّ صوتنا ونحن ندعو رئيس الوزراء عبدالله حمدوك إلى أن يصارح الشعب السوداني بالعراقيل التي يضعها عساكر البشير أمام الحكومة المدنية، وبتشاكسات أحزاب قوى الحرية والتغيير، فهذا أمر لابد منه وإلا فإن الخروقات ستستمر والأوضاع تزداد سوءًا حتى تشكل أرضية خصبة للانقلاب العسكري الجديد وما ذلك ببعيد".
وفي السياق ذاته، يقول الباقر العفيف في جريدة "التغيير" السودانية الإلكترونية، تحت عنوان" خطاب مفتوح للسيد رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك"، إن هناك قضايا "تنتظر الحسم لكي تعيد الثورة إلى زخمها الأول".
ويضيف الكاتب مخاطبا حمدوك: "فإذا حزمت أمرك وقدْت هذا الشعب في هذه المعركة المقدسة فسوف ينهض خلفك. حينها تصبح موساه الذي يعبر به ليس فقط تيه الثلاثين سنة الماضية، بل تيه الخمسة وستين عامًا التي تمثل عمر السودان المُهْدَر. هذا هو موضعك من التاريخ فهلا نهضت لمعانقته؟".
ويقول الكاتب إن هذه القضايا تتضمن: "سيطرة الحكومة على الأموال العامة" و"محاربة الفساد" و"رفع الدعم عن المحروقات".
وتحت عنوان "هل سقطت حكومة البشير الدامية؟"، يرى أحمد محمود كانم، في جريدة "الراكوبة" السودانية أن "المقصود بالحكومة هنا هو السلطات... التنفيذية، والتشريعية، والآلية التي تعمل بموجبها السلطة القضائية والقوانين التشريعية المعمول بها مثل قانون الطوارئ وقانون التقاضي وعلاقة السلطة الأمنية بالسلطة القضائية، وأسلوب التعامل مع المواطنين، ومدى احترام هذه السلطة لحقوقهم وحرياتهم".
ويتساءل الكاتب: "بعد مرور عام كامل على سقوط الجنرال الراقص عمر البشير، هل سقطت معه حكومته الدامية؟".
ويجيب: "إن المفهوم الكامل لمعنى 'إسقاط الحكومة' يشمل بالضرورة إسقاط أدواتها ومن هم في مركز القرار والحاكمين وما يتبعهم من أجهزة الأمن 'والقمع' والتأديب والتي قد تتغول فتسيطر على السلطة نفسها، وتصبح هي بذاتها السلطة صاحبة القرار والباع الطويل، ليس فقط في القبض على السلطة وإنما أيضًا في الاستيلاء على الثروة، وهذا ما لم يحدث خلال السنة الثورية المنصرمة".
BBC