عندما كتب الأكاديمي الغربي "جاكسون براون" (٥٠) نصيحه لابنه عند دخوله المرحلة الجامعية، كان من بينها هذه النصيحة: "إحذر عروض البنوك مهما كانت مغرية".
في الحقيقة هذه النصيحة تمثل ركيزة أساسية في علم الإقتصاد الحديث..
فمن خلال مشاهدتي وتعاملي مع التجار من مختلف مناطق الضفة الغربية فأن أكثرهم تضررا من الأزمة المالية الحالية هو من إنساق مع تسيهلات البنوك من قروض وتمويلات وشيكات.
فالعلاقة هنا طردية، بمعنى كلما كان التعامل مع تسهيلات البنك أكثر كانت الضائقة والأزمة المالية أكبر..
ومن خلال مشاهداتي فإن بعض أصحاب المحلات التجارية كانوا يمتنعوا عن إصدار دفتر شيكات لهم وكذلك كانوا يرفضوا أخذ شيكات من الزبائن.
هذه الطبقة بالذات تأثرها بالإزمة المالية أقل من غيرها.. فهم لا يخشون موعد إسحقاق قيمة شيك صادر أو وارد..
هذه الفئة على قلتها والتي كانت ترفض التعامل بالشيكات كان من الصعوبة بمكان أن تجد أحدهم (حوت) السوق، أو تجده التاجر الذي يشار إليه بالبنان في قدرته الشرائية وحجم مبيعاته نتيجة المضاربات وتسهيلات الدفع وغيرها.
ولكن في وقتنا الحاضر ممكن أي تاجر يتعرض لخسارة قاسمة إلا هذه الفئة فيصعب انكسارها أو خروجها من السوق مندحرة خاسرة.
وفي بحث صادر عن جامعة (بير زيت) للكاتبين "إياد الرياحي" و"ناهد سمارة" بعنوان:
قبل الأزمة بقليل.. سياسات إغراق الضفة الغربية بالديون
فقد أظهر البحث أن تسهيلات البنوك ساهمت كذلك في رفع الأسعار الأمر الذي ساهم مثلا بجعل متر الأرض في رام الله عام (٢٠١٤) يصل إلى (٢٠٠٠) دولار، الأمر الذي جعل سعر المتر المربع للشقق السكنية يتجاوز (١٢٠٠) دولار في ذات الفترة، وهذا السعر أعلى من أسعار الشقق في باريس وطوكيو.
وفي ذات الدراسة بين الباحثان أن شركة بيجو للسيارت كانت مبيعاتها عام (٢٠٠٩) فقط (٢٠) سيارة بينما وبعد التعاقد مع البنوك إرتفع عدد مبيعات نفس الشركة عام ٢٠١٣ إلى (١٤٨٠) سيارة..
يتضح مما سبق أن تسهيلات البنوك ساهمت في خلق الأزمة المالية فكبلت الناس بالتزامات وتسديدات تصل إلى (٢٥) عاما قادما.
.
تجدر الإشارة هنا أني أعرف بعض (تجار الكاش) كان يملك منزلا فارها وسيارة فارهة وتلقى أولاده التعليم في أعرق الجامعات وأفضل التخصصات، فليس شرطا أن تملك حسابا بنكيا وتتمتع بتصنيف بنكي حتى تشكل ثروة أو تحقق طموحاتك..
لإن كتب الله لنا البقاء وعادة عجلة الإقتصاد إلى حالها فيجب على كل تاجر إعادة ترتيب أموره خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع تسهيلات البنوك.
كتب: ماهر أبو عصب / قلقيلية