هذا هو حال الدنيا والمعارك؛ فكل نصر له ثمن، وضريبة لا بد من دفعها؛ نفرح لنصر المقاومة وصلابتها وانجازاتها المشرفة والبطولية؛ ونسر ونبتهج بمنظر وجه "نتنياهو" الذي لفه الخزي والعار خلال مؤتمره الصحفي ليلة أمس؛ تصديقا لقوله تعالى" كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما".
بالمقابل؛ نحزن لثمن وضريبة النصر المرتفعة؛ باستشهاد ثلاثة من قادة المقاومة، واستشهاد أبناء وزوجات عناصر وقادة المقاومة؛ إلا أن ما يثلج الصدر أن دماؤهم لا تمضي سدى؛ بل تنير الطريق نحو دحر الاحتلال والطغيان والظلم .
من كان يظن أن النصر والتحرير يأتي على طبق من ذهب فهو مخطئ، فثمن الحرية هو الغالي والنفيس؛ والاحتلال يألم كما نألم، ونرجو من الله الجنة، وهم مصيرهم معروف ومحسوم إلى جهنم وبأس المصير.
متابعة استشهاد ثلاثة من القادة صباح اليوم واستشهاد ابن وزوجة القائد محمد الضيف؛ من قبل الفلسطينيين اختلجت بالفخر بما أنجزوه ومنهم من بكى، فنبينا ورسولنا الكريم دمعت عيناه حزنا على ابنه إبراهيم، فما بالنا بمن يقدم أغلى ما لديه على مذبح العزة الكرامة والحرية.
الدموع التي تتساقط من العين تنسج محبةً مختزنةً في الصدر وألم من الصعب وصفه كونه عصي عن التعريف بكلمات وكتابات مهما كانت قوتها... فخلجات النفس والآهات عندما تنبع من الداخل يعجز كل شعراء وكتاب العالم عن وصفها؛ ودموع الفرحة بالشهادة كأسمى أمنية؛ اختلطت بدموع الحزن على فراق قادة وأطفال ونساء.
قادة المقاومة لسان حالهم يقول: "نحن نقدم هؤلاء الشهداء ليس من باب الترف وليس لأن قلوبنا متحجرة؛ فنحن آباء ونعرف ماذا يعني فقدان الولد، والأب والمقاوم؛ ولكن لأن فلسطين غالية ولأن الجنة أغلى، ولأن التحرير والكرامة أفضل من أن نظل سنوات طويلة تحت الاحتلال ".
قلوب رجال المقاومة ليست إرهابية وهي ليست كالحجارة؛ كما زعم "نتنياهو" خلال مؤتمره الصحفي؛ بل هي مفعمة بالأحاسيس والمشاعر والحنان والأبوة كبقية كل المواطنين والناس؛ لكن هي دموع ستكلف الاحتلال الكثير والندم على فعلتهم السوداء.
لاحظ عظمة القادة المخلصين؛ القائد محمود الزهار بعد فقدان ولديه شهداء قال:" من يظن أننا بهذه الجرائم سوف نتنازل أو نتراجع فهو واهم، إننا نتشرف باستشهاد أبنائنا والشهداء جميعهم واحد، ولو قتل الاحتلال منا ألف قائد فلن نتراجع".
تأمل معي أخي القارئ، قول والدة زوجة القائد محمد ضيف بعد استشهاد ابنتها وداد، وولدها علي:" في سبيل الله، وفدا المقاومة ومحمد الضيف، ولو كان لي مئة بنت لزوجتها واحدة تلو أخرى بعد استشهادها للضيف"؛ فبربكم هل هذا شعب يهزم أم ينتصر؟!