جهدٌ متواصل، لا تعرف فيه الليل من النهار، إيمانٌ بأن الوقت كفيل بتغيير الكثير من الأمور إن صاحبه الرغبة في السعي، والطموح في جعل المستقبل شيء أفضل، حينها فقط سيرضخ الواقع بين يدي مثابر، ليصنع من نفسه نسخة أفضل، تاركاً خلفه أثراً قيّماً لا يمكن تجاوزه إلا بثناء وإعجاب وتصفيق لمن طوّعه.
أسماء معلمة غزية تدرس اللغة الإنجليزية، لا تعرف للملل طريق، أغلقت باب المستحيل، وفتحت أبواب المحاولة وتركتها مشرعةً أمام من يبتغي التأثير، ولكل من يريد جعل واقع التعليم ذو نسخة أفضل، لا يقتصر على المستوي المحلي بل والدولي أيضاً.
معلمان فلسطينيان
بعد جهود متواصلة في التطوير، تمكنت المعلمة أسماء مصطفى من مدرسة حليمة السعدية الأساسية للبنات في شمال غزة، والمعلم عمر حماد من مدرسة أسرار القبندي في مدينة رفح من الانضمام إلى مجتمع معلمي ومعلمات ناشيونال جيوغرافيك العالمي الذي ضم أكثر من مائة معلم جديد في ربيع عام 2020.
نفذ المعلمان العديد من المشاريع العالمية التعليمة عن بعد، وخلقوا جسراً للتواصل مع غيرهم في الكثير من دول العالم الخارجي.
جهد المعلمة أسماء تكلل بحصولها على الاعتماد العالمي بعد مضي أسبوعين من انضمامها إلى ذلك المجتمع الافتراضي، حيث ظهرت على خريطة العالم للمعلمين والمعلمات في ناشيونال جيوغرافيك التعليمية.
كثيرةٌ هي الأنشطة التي عملت على تنفيذها مصطفى خلال الفترة التدريسية لها، حيث شاركت في ستة مشاريع عالمية تعليمية عن بعد منها: توظيف الخرائط في التعليم عن بعد والتعليم الوجاهي أيضا، وسرد القصص في تطبيق الخرائط الجغرافية في تعليم كافة المواد الدراسية.
كما وشاركت في مشاريع إعادة تدوير البلاستيك، وتغيرات المناخ حسب اختلاف المناطق الجغرافية، وكيف تصمم خرائط جغرافية الكترونية، وغيرها الكثير.
العمل المستمر في التطوير استغرق قرابة ثلاثة شهور، بشكل متواصل بدءا بالتسجيل والانتقال من مرحلة لأخرى بشكل منظم تدريجي.
آلية الانضمام
وتوضح المعلمة مصطفى لـ "وكالة سند للأنباء" آلية العمل، من خلال إنجاز المعلم في كل مرحلة مع طلابه الكثير من المهام المطلوبة لكل مشروع مستقل، من مهمة توثيق العمل وإرفاق التقارير لفريق التقييم.
وتشير إلى أن هناك أدوات مساعدة للإنجاز في تنفيذ هذه المشاريع منها، الويبنارات التعليمية المتخصصة التي تعقدها ناشيونال جيوغرافيك، وينضم إليها آلاف المعلمين من كل أنحاء العالم للاستفادة لاسيما في ظل الانقطاع الحالي عن التعليم الوجاهي والتركيز على التعليم عن بعد.
وتعد المعلمة مصطفى أول فلسطينية تحصل على اعتماد من National Geographic في التعليم من الولايات المتحدة الأمريكية، وبذلك تظهر فلسطين لأول مرة على خريطة العالم للمعلمين والمعلمات في ناشيونال جيوغرافيك التعليمية.
وقد أثنى موقع "ناشيونال جيوجرافيك" على المشاريع التي تنفذها المعلمة أسماء مصطفى، في رسالة تتضمن تقدير الجهود المبذولة والحث على الاستمرار والعطاء.
وجاء في الرسالة: "نرى عملك الرائع ...أنت تعطي الكثير من نفسك لطلابك كمعلم ومرشد، وأنتِ مثال يحتذى، وفي هذه الأوقات العصيبة جهودك أكثر أهمية من أي وقت مضى، كل يوم، أنت تستكشف منطقة مجهولة، ورائدة في طرق التدريس الجديدة، بحيث يمكن لطلابك مواصلة النمو، لقد رأينا أنك لا ترتقي إلى مستوى التحدي فحسب، بل تتجاوزي كل التوقعات لوضع احتياجات طلابك - تعلمهم ونموهم - في المقدمة".
وأضافت إدارة المجتمع: " يشرفنا أن نعمل معك لخلق وتشكيل خبرات وفرص التعلم التي تلهم الطلاب، سواء في الفصل الدراسي أو في المنزل، ونحن نشجعكم في كل خطوة على الطريق، ونتفهم مدى التزامك بالعمل الحيوي، ونعمل بجد لمواصلة الدفاع عنك وإبراز جهودك للعالم ".
واختتمت الرسالة: "جميعنا في مقر National Geographic في واشنطن العاصمة، وفي جميع أنحاء العالم نقول: شكرًا لك. نشكرك على كل ما تفعله لطلابك وزملائك المعلمين ومجتمعاتك".
National Geographic
مجتمع ناشيونال جيوغرافيك، ومنظمة ناشيونال جيوغرافيك أو الجمعية الجغرافية الوطنية هي شركة أمريكية تعد من أكبر المنظمات العلمية غير الربحية في العالم، تهدف إلى نشر المواد العلمية والثقافية لأكبر عدد من البشر مختلفي المستوى العلمي في جميع أنحاء العالم.
وتحاول المعلمة أسماء أن تخلق بيئة تعليمية مناسبة، تحفز من خلالها قابلية التعلم من خلال اتباع وسائل وطرق تدريسية حديثة ومتنوعة، وقد ألفت كتاب (My 45 Innovated Gaming Strategies in Teching English as a Foreign Language)، والذي يحتوي على 45 لعبة واستراتيجية تعلم نشط وألعاب تربوية ذات أثر فاعل في العمليات التعليمية.
وتنشط المعلمة أسماء في العديد من الفرق التعليمية العالمية كـ "Microsoft Educators، BBC & Pearson Live Classes، وThe Hands Up ".