طرابلس -
وسّعت حكومة الوفاق الوطني الليبية نطاق نفوذها غربي البلاد بسيطرتها على مدينتي تيجي وبدر، بينما تعتزم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر إعادة نشر قواتها جنوبي طرابلس بعد تعرضها لهزائم متلاحقة، في حين طالبت ليبيا مجلس الأمن الدولي بلجم الإمارات ووقف تدخلها، كما تعهدت بمقاضاتها دوليا.
فقد دخلت قوات الوفاق في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء دون قتال مدينتي تيجي وبدر الواقعتين في الجبل الغربي (جنوب غرب العاصمة) اللتين كان فيهما موالون لحفتر.
وبالتزامن، أفادت مصادر بأن مفاوضات تجري مع أعيان بلدات صغيرة أخرى بينها الأصابعة والعُربان لإقناعهم بتسليمها لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا.
وجاء تقدم قوات الوفاق الجديد غربي البلاد بعد ساعات من سيطرتها على قاعدة الوطية الإستراتيجية (140 كيلومترا جنوب غرب طرابلس)، التي سيطر عليها مسلحون موالون لحفتر لسنوات، وكانت حكومة الوفاق استعادت قبل أسابيع ست مدن في الساحل الغربي، بينها مدينتا صبراتة وصُرمان الإستراتيجيتان.
إعادة انتشار
ونقل مراسل الجزيرة عن مصادر عسكرية في قوات الوفاق أنهم رصدوا انسحابا لبعض الآليات التابعة لقوات لحفتر من محاور جنوبي العاصمة.
وأفاد ناشطون بانسحاب آليات من منطقة قصر بن غشير الواقعة جنوب طرابلس على الطريق المؤدي إلى ترهونة (80 كيلومترا جنوب شرق العاصمة)، بيد أنهم قالوا إنهم لا يستطيعون تأكيد حدوث انسحابات أخرى لقوات حفتر.
وكان أحمد المسماري، المتحدث باسم قوات حفتر، قد قال إن حفتر أصدر تعليماته بإعادة التمركز في بعض محاور جنوبي العاصمة لأسباب تكتيكية، وهي الحجة نفسها التي استخدمها لتبرير الانسحاب من قاعدة الوطية الجوية.
وبالإضافة إلى تعرضها لهزائم مدوية في الساحل الغربي، تتعرض قوات حفتر لضغط عسكري من قوات الوفاق في محاور القتال جنوبي طرابلس.
وأكد قادة ميدانيون بعملية بركان الغضب أن قوات الوفاق ستعمل في المرحلة المقبلة على طرد قوات حفتر من ضواحي طرابلس الجنوبية وأيضا من مدينة ترهونة، وهي قاعدة حفتر الخلفية لمهاجمة طرابلس.
دور الإمارات
في الأثناء، عقد مجلس الأمن الدولي اليوم مؤتمرا عبر الفيديو لمناقشة الوضع في ليبيا عقب التطورات العسكرية الأخيرة.
وخلال المؤتمر، دعا المندوب الليبي لدى الأمم المتحدة طاهر السني مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة لاتخاذ خطوات لإنهاء الإجراءات غير القانونية من قبل الإمارات في ليبيا.
وقال السني إن لدى حكومة بلاده أدلة دامغة بشأن النقل غير المشروع المباشر للأسلحة إلى ليبيا من قبل الإمارات، لدعم حفتر الذي وصفه بمجرم حرب.
وأضاف أن الحكومة الليبية تدعم كل المبادرات التي تسعى لوقف القتال ومستعدة للحوار، لكنه جدد رفض الجلوس مع من قال إنهم يريدون النيل من ليبيا ومن تلطخت أيديهم بالدماء الليبية.
وفي تصريحات للجزيرة، قال السني إن بلاده تعد ملفا كاملا لتقديمه أمام المحاكم الدولية لمقاضاة الإمارات وكل من تورط مع حفتر، مؤكدا أن حكومة الوفاق قدمت مذكرات للمحكمة الجنائية الدولية، وأنها تتابع محاسبة مرتكبي جرائم الحرب في ليبيا.
وخلال نفس المؤتمر، قدمت الممثلة الأممية الخاصة لليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز إحاطة لمجلس الأمن، وقالت إن سيطرة حكومة الوفاق على قاعدة جوية إستراتيجية قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد الذي من شأنه أن يحول النزاع الليبي إلى حرب بالوكالة.
ودعت ويليامز إلى وقف لإطلاق النار في ليبيا وعودة أطراف الأزمة للعملية السياسية، وحذرت من أن الحرب في ليبيا ستتسع وستفضي إلى نتائج وخيمة بسبب التدخل الأجنبي وتدفق السلاح والمرتزقة، حسب تعبيرها.
من جهتها، دعت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة كل الدول للالتزام بحظر التسليح والاتجار غير الشرعي بالنفط الليبي، وأكدت معارضة بلادها لهجمات قوات حفتر على المدنيين في العاصمة، كما عبرت عن أسفها لإعلان حفتر أخيرا تفويض نفسه لحكم ليبيا وإسقاط اتفاق الصخيرات.
بدوره، دعا مندوب الصين جميع الأطراف في ليبيا لوقف الأعمال العدائية وإطلاق النار، وقال إنه لا يمكن السماح بأن تصبح ليبيا موطئ قدم للإرهاب.
أما مندوب روسيا فقال إن استمرار تدفق المرتزقة والأسلحة ينتهك قرارات مجلس الأمن حول ليبيا، ورفض ما ورد في تقرير للجنة خبراء من اتهامات لموسكو بإرسال أسلحة ومرتزقة دعما لقوات حفتر.
وكان مسؤول الأمن والسياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوسيب بوريل عبر عن قلقه من تصاعد القتال في طرابلس وما حولها وتزايد القصف على المناطق السكنية المكتظة، وشدد في اتصال هاتفي مع رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج على ضرورة وقف دائم لإطلاق النار واستئناف المفاوضات السياسية.
أبو ظبي والقاهرة
سياسيا أيضا، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش إنه لا يمكن إحراز أي تقدم حقيقي على الساحة الليبية دون وقف فوري وشامل لإطلاق النار والعودة للعملية السياسية، مضيفا أن ذلك يستدعي توقف ما وصفه بالتصعيد الإقليمي.
من جهته، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اجتماع مجموعة الاتصال الأفريقية حول ليبيا إن استقرار ليبيا من محددات الأمن القومي المصري، وإن بلاده مع التوصل لحل سياسي، وتدعم اختيارات الشعب الليبي، وترفض التدخلات الأجبية في الشؤون الليبية.