الرئيسية / مقالات
قرار الضم: التداعيات وسبل المواجهة:
تاريخ النشر: الثلاثاء 02/06/2020 10:48
قرار الضم: التداعيات وسبل المواجهة:
قرار الضم: التداعيات وسبل المواجهة:

بقلم الأستاذ اياد القرم، ماجستير تخطيط وتنمية سياسية

منذ 27 عاما، وقعت منظمة التحرير الفلسطيني وإسرائيل اتفاق أوسلو المرحلي، والذي كان من المفترض أن ينتهي بعد خمس سنوات بالاتفاق على ملفات الوضع النهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وعلى رأس تلك الملفات القدس واللاجئين وحدود الدولة، ولكن وبعد انتهاء الفترة الانتقالية عقدت مفاوضات بين الجانبين في كامب ديفيد في تموز من العام 2000م، لبحث القضايا النهائية من الصراع، وبعد عدة أيام من المفاوضات المكثفة، فشلت المفاوضات بسبب تعنت الجانب الإسرائيلي في الموافقة على إعطاء الفلسطينيين دولة في حدود الرابع من حزيران من العام 1967، وعاد الوفد الفلسطيني إلى الأراضي الفلسطينية بزعامة الرئيس الشهيد ياسر عرفات، وكان واضحا لدى الجانب الفلسطيني أن الإسرائيليين ينوون تضييق الخناق على الفلسطينيين بسبب رفضهم للتنازلات المطلوبة منهم لتوقيع الاتفاق، وهو ما حصل حيث اقتحم شارون المسجد الأقصى واندلعت مواجهات عنيفة في القدس والضفة لتنطلق على أثرها الانتفاضة الفلسطينية الثانية، والتي انتهت باستشهاد الرئيس عرفات واحتلال إسرائيل لجميع أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة.
منذ العام 2005 وبعد توقف الانتفاضة الفلسطينية الثانية، سعت الولايات المتحدة الأمريكية والأطراف الدولية بالضغط على الفلسطينيين للدخول في مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، وكان الموقف الفلسطيني واضحا في تلك المفاوضات وهو نفس المطالب التي طالب بها الرئيس الشهيد ياسر عرفات دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وظلت تلك المفاوضات تراوح مكانها دون تحقيق تقدم يذكر بسبب تعنت الجانب الإسرائيلي وتنكره للحقوق الفلسطينية، وفي العام 2009 تسلم نتنياهو سدة الحكم في إسرائيل لتدخل المفاوضات بين الجانبين في نفق مظلم بسبب تعنت نتنياهو ورفضه المطلق إعطاء الفلسطينيين دولة، وأقصى ما يمكن أن يعطيه هو حكم ذاتي مغلف بتسهيلات اقتصادية فقط.
في العام 2016 فاز دونالد ترمب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت مواقفه تجاه القضية الفلسطينية متشددة للغاية وتتماهى مع موقف نتنياهو وحكومته اليمينية، وتعهد ترمب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بها كعاصمة موحدة لإسرائيل، وهو ما قام به بالفعل وطبقه على ارض الواقع بنقل السفارة إلى القدس.
ونشر الرئيس ترمب خطته للحل والمعروفة " بصفقة القرن" والتي تتنكر لكل الحقوق الفلسطينية، ولا تعطي الفلسطينيين أكثر من سلام اقتصادي وحكم ذاتي هزيل من خلال تقطيع أوصال الضفة الغربية وسيطرة إسرائيل على معظم الضفة.
رفض الفلسطينيون رفضا قاطعا تلك الخطة، وهدد الجانب الفلسطيني باتخاذ إجراءات صعبة للتصدي لتلك الصفقة، وفي ظل الموقف الصلب الذي أبدته القيادة الفلسطينية ضد صفقة القرن، لجأت إسرائيل إلى تطبيق الخطة من خلالها وذلك عبر مصادرة الأراضي في منطقة الأغوار وضمها للسيادة الإسرائيلية، وضم المستوطنات كذلك، فتكون بذلك قد قضت على أي أمل لإقامة الدولة الفلسطينية ودمرت كل الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الفلسطيني.
الجانب الفلسطيني وبعد نية إسرائيل وإعلانها تطبيق تلك الخطوات، اتخذت القيادة الفلسطينية القرار الاستراتيجي الأكبر منذ أوسلو، وهو إلغاء اتفاق أوسلو والتحرر من جميع الاتفاقيات مع إسرائيل، ليدخل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مرحلة جديدة.
في ظل تلك المعطيات والوقائع فإن المشهد الفلسطيني مقبل على مرحلة لا يحسد عليها، فالمفاوضات والاتفاقيات مع الجانب الإسرائيلي لم يعد لها أي جدوى، وبالتالي كل المؤشرات تشير إلى واقع جديد سيتولد في المنطقة.
ومن هنا فإن الجانب الفلسطيني باتت الخيارات لديه محدودة بعد أن أوصلت إسرائيل الأمور إلى نقطة يستحيل معها إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران للعام 1967، وأصبحت الحاجة ملحة لبناء برنامج وطني موحد لمواجهة هذا المخطط الخطير، وضرورة أن يُبنى هذا البرنامج على ثلاثة أبعاد:
أولا: البعد المحلي: والذي يتطلب تجميع كافة القوى الوطنية والمؤسسات والنقابات.. الخ في موقف واحد موحد لمواجهة هذا القرار عبر برنامج مقاومة شعبية في كافة المناطق على غرار الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حتى تتراجع إسرائيل عن هذا القرار.
ثانيا: البعد العربي والإسلامي: وذلك عبر دعوة كافة الدول العربية والإسلامية لمواجهة هذا التحدي الخطير، والطلب من الدول التي لها علاقات مع الجانب الإسرائيلي قطعها فورا والبدء ببرنامج مقاطعة عربية وإسلامية شاملة، وفضح الدول العربية والإسلامية التي لا تستجيب لمقاطعة إسرائيل علنا، ووضع النقاط على الحروف.
ثالثا: البعد الدولي: عبر طرح القضية الفلسطينية من جديد عبر المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن والطلب بحماية دولية للشعب الفلسطيني.
في الختام أرى أن ما بعد قرار الضم ليس كما قبله، وأن تداعيات هذا القرار أخطر بكثير من قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وأنه بات من الضروري والملح اتخاذ القرارات المصيرية والتي تحفظ الحقوق الفلسطينية وتحافظ على القرار الفلسطيني المستقل.
 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017