كتبت: تسنيم صعابنه
يعيش مجتمعنا العربي في صراع مع العدو، وعلى الرغم من ذلك فإن الاستعمار لا يعد الحرب الوحيدة في مجتمعنا العربي، لقد أصبحنا الآن نعاني من انتشار القتل العمد بين فئات المجتمع، مؤخراً باتت الكراهية والحقد صفات تنمو مع نمو الفرد، فأصبح من النادر أن تجد من يحب الخير لغيره أو يدعمه، أو أن تجد من يمد يد العون عند الحاجة.
جميل جداً أن يلتزم المسلم بدينه ويطبق تعاليم الإسلام ويبتعد عن كل ما نهى عنه الله سبحانه وتعالى، فعلى الرغم من قول الرسول عليه السلام، عن أبي حمزة أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله ﷺ عن النبي ﷺ قال: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحبُّ لِنَفْسِهِ)، لكن هذا الحديث لا أحد يقتدي به ولا أحد يحب لأخيه ما يحب لنفسه، الجميع يحب نفسه، ويحقد على غيره إذا رأى غيره أفضل منه، وتنتشر الأنانية بشكل كبير بين الأخ وأخيه وتعمق الكراهية، وعدم احترام رأي الآخر، وارتفاع ثقافة الأنا بين الناس.
والسؤال هنا، هل نلتزم بما أمر به نبي الله؟ هل نحب بعضنا البعض؟
أصبحنا نستيقظ على أخبار قتل، جريمة شرف، شجار عائلي وما يصاحبه من إصابات وقتلى وجرحى وحرق منازل، وكل هذا ما هو إلا نتيجة المفاهيم الاجتماعية المقززة والتي تخلط الدم بالقهوة، وتمادي أصحاب النفوذ وعدم وجود رادع لأفعالهم المشينة، واستغلال الفئات المظلومة المهمشة، وغياب الرادع القانوني العادل والشرعي، وغياب العقوبات والقصاص الذي لو طبق لما وقعت جرائم القتل بهذا العدد الكبير.
وأصبحت الشجارات العائلية من أكثر ما يزرع الخوف والرعب في نفوس المواطنين، نتيجة العادات والتقاليد التي تدفعهم إلى التدخل لدفاع عن أحد أقربائهم أو أصدقاؤهم، حتى دون معرفة السبب ومن هو الظالم؟ ومن المظلوم؟
والتي كان آخرها الشجار التي وقع في بلدة حوارة جنوبي نابلس، إثر خلاف وقع على قضية ليست كبيرة تتعلق بآثار وحفر ومن ثم تتطور لاحقاً رغم الجهود التي بذلت لإصلاح الطرفين الذين كانوا على وشك التصالح، ولكن حدث اليوم أن أحد الأطراف قام بحرق محل للطرف الآخر الأمر الذي أدى إلى تطور الشجار وتحول إلى إطلاق نار، حسب وكالة معاً.
"وحول هذا الموضوع أفاد الناطق باسم الشرطة الفلسطينية لؤي ارزيقات لـ"النجاح الإخباري"، بأنَّ الأسباب الرئيسة وراء الشجارات العائلية هي التسرع وتغليب لغة العنف على لغة الحوار، وقد يكون للعادات والتقاليد في المجتمع الفلسطيني دور هام في الخلافات عندما يقف أحد أقارب المتشاجر للدفاع عن قريبه دون معرفة سبب الشجار". (النجاح الإخباري)
هذا كله يصنف تحت العنف والأمراض الاجتماعية التي يتصف بها البعض، والتي يجب أن تنتهي حتى لا نحمل أبنائنا الصغار هموم ثقيلة وذنب لم يقترفوه، حتى لا يكون للعنف دور في نشر التخلف والجهل وتراجع المجتمعات وقطف زهرات شبابنا وحصد أرواح الأبرياء، ويلوع أهالينا، ويجعل حياتهم جحيم.
ولا بد من الاتجاه إلى الحوار والعقل والمنطق، والمناقشة وإتباع الطرق السلمية بعيداً عن العنف والكلام الجارح، والضرب وسحب السلاح على بعض، فالأجواء العدائية والكراهية جميعها تقود إلى زرع البغضاء والفتن والحقد في نفوس الشباب أبداً للدهر، ويسعى كل شخص إلى أخذ حقه بالقوة متجاهلاً القانون، وقوله تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق)،
متجاهلين القرابة والجيرة والصداقة، وعلاقات النسب والمحبة التي تربطهم، ويصبحون أعداء بقتل بعضهم بعضاً، لأي سبب من الأسباب، ما يؤدي إلى تفكك بنية المجتمع وتفرقها، وهذا ما يرغب به الاحتلال.
ويمكن القول أن هذه الأسباب قد تكون بسيطة ويمكن التغلب عليها دون اللجوء لأي شكل من أشكال العنف، وقد تتطور هذه الشجارات إلى تدخل العائلة بأكملها وعشائر وما ينجم عنها من إصابات وأضرار بالمنازل والمركبات والممتلكات وترويع الأطفال والنساء...الخ.