الرئيسية / مقالات
مش وقته...!! بقلم: رامي مهداوي
تاريخ النشر: السبت 30/08/2014 11:02
مش وقته...!! بقلم: رامي مهداوي
مش وقته...!! بقلم: رامي مهداوي

 وين ما كنت أروح خلال الفترة الماضية كنت أسمع مصطلح "مش وقته" على كافة مستويات النقاش، وأيضاً على مختلف القضايا والمواضيع، وكأن هذا المصطلح أصبح جرثومة تقتحم عقلنا البشري دون إذن أو معرفة منّا بالسماح لهذه الجرثومة أن تتموقع بالمخ، بالتالي نتداول هذا المصطلح دون التفكير مما يؤدي أن نقول بيننا وبين ذاتنا مش وقته أن نفكر في أشياء مش بوقتها.
كنت واقف أمام أول إشارة مرور بطريق بيتونيا، ولأن الإشارة بتطول لما تنور بالأخضر، وكمان الجو نار بالتالي فاتح الشباك، مما جعلني أستمع لنقاش حاد بين رجل وامرأة، والمرأة بأعلى صوتها كانت تصرخ: "حكيتلك مش وقته... بس أنت ما بتسمع وما بترد، كم مرة قلتلك مش وقته... انت بتعمل شو بدك وأنا اللي بتحمل مسؤولية نتائج أعمالك" طبعاً أنا كنت بانتظار رد كاسح من الرجل... ولمّا شافني مستمتع بالمشهد رد على المرأة" مش وقته أرد عليكي هلا... وفي وقته راح تفهمي شو أنا كان قصدي بوقتها".
وبصرااااااحة هذا الموقف جعلني أفكر بالمصطلح مش وقته كم مرة تم توجيهه لي: مش وقته تحكي عن انتخابات الرئاسة!! "بتأسف ما بعيدها" مش وقته تحكي عن المجلس التشريعي!! "غلطة وما بكررها" مش وقته تحكي عن حماس!! "سامحوني" مش وقته تحكي عن المجلس الأعلى للشباب!!" على راسي المجلس كله" مش وقته تستفسر عن مجلس أمناء الجامعات الفلسطينية!! "راسكم أبوسه ... اعتبروني جاهل" مش وقته تنتقد اللجنة المركزية لحركة فتح!!" أنا ابن فتح ما هتفت لغيرها.." مش وقته تحكي عن عيد الأم!! "أبوس ايدك يمه_ يمه تعني ماما_" مش وقته تكتب عن الحكومة!!" الحكومة شرفنا وعزوتنا .. والله يحميها من أي مكروه".
وخلال العدوان الأخير على غزة، كان هناك زيادة عالية باستخدام مصطلح مش وقته أثناء وبعد العدوان، لدرجة أنه أصبحت أخاف أحكي.. أكتب.. أصرخ.. أخربش.. أي كلمة بتنفهم بسياق لا يناسب وقته، لأنه في الحرب يصبح مصطلح مش وقته عبارة عن صاروخ.. قنبلة... سيف... رصاصة موجهة نحوك، وممكن تكون كافر.. وممكن تكون جاسوس.. عميل... مشبوه.... أو يتم وصفك مباشرة بالطابور الخامس مع العلم نفسي أعرف شو الطابور الأول أو اذا في سادس.
بالتالي: كان مش وقته تحكي عن المساعدات من حيث بتوصل ولا ما بتوصل بتنباع ولا ما بتنباع، هل المحتاج وصلت له المساعدة ولا ما في عدالة!! مش وقته تحكي ليه ما تم قبول التهدئة من أولها؟! مش وقته تحكي عن دور الحكومة والصعوبات وهل تسيطر على الواقع الميداني في غزة!؟ مش وقته تحكي عن شباب فتح في غزة وما أصابهم من ظلم _ وظُلْمُ ذوي القربى أشد مرارة على النفس من وقع الحسام المهند‎_ أثناء الحرب!! مش وقته تحكي عن توقيع ميثاق روما الممهد لعضوية فلسطين في محكمة الجنايات الدولية!! مش وقته عمل مقارنة اذا كان المستوى السياسي يوازي مستوى المقاومة!! مش وقته انقيم موقف الدول العربية من العدوان على غزة؟! مش وقته نسأل كيف بدنا انعمر غزة؟! مش وقته نسأل متى سيكون العدوان القادم على غزة!! مش وقته نسأل كيف تعامل الإعلام الفلسطيني والدولي مع العدوان؟!..... بإمكانكم تكملوا ما هي الأشياء التي يعتبرها الكثير مش وقته!!
وإذا كان مش وقته، يحق لنا كمواطنين نسأل متى وقته؟! لأنه ما بنفع يتم تأجيل الإجابات على العديد من الأسئلة التي تعتبر محرمة.. مشبوهة.. ممنوعة. لأن التأجيل على الإجابات المختلفة يؤجل أيضاً العمل أو الخطة التي يجب أن ترتسم كفعل مرافق ضد الاحتلال الإسرائيلي. على سبيل المثال أين تقرير غولدستون؟ بعد 10 سنوات أين فتوى محكمة العدل الدولية في لاهاي والتي افتت بموجبه بعدم شرعية الجدار في الأراضي الفلسطينية كونه غير قانوني ومنافيا للقانون الدولي الإنساني؟! تأجيل الكثيييييييييييير من القضايا العملية يضعف الفعل المقاوم من جهة ويجرد المفاوض الفلسطيني من أسلحته الضاغطة من جهة أخرى، والتأجيل بسبب مش وقته يجعل من الآخر وهو المحتل أن يضغط بكل قوته على رقبة كل مواطن فلسطيني، مما يجعلنا نبحث عن حقوقنا الإنسانية وهنا يتم تفتيت القضية الأساسية الى قضايا مختلفة مثل: الجدار، الحواجز، المياه، الحدود والمعابر، المستوطنات، مطار، ميناء. وهنا يضيع الهدف الأساسي وهو التحرر من الاحتلال بصورته القبيحة الكاملة.
أنا خايف ينط شخص ما ويقول لي هذا المقال مش وقته!! ومش بحاجة نزرع الفتنه بين صفوف الشعب الفلسطيني بطرح مثل هذه الأسئلة!! بس أنا برد عليه لمصلحة مين بتم طرح القضايا اللي مش وقتها بأن تطرح بهذه الظروف، ويتم تداولها عبر وسائل الإعلام وتسليط الضوء عليها مع العلم كلنا بنعرف بأنها مش وقتها. واضح إحنا في صراع بين العديد من الفرق والمجموعات والأفراد التي تريد أن تطرح الأشياء اللي مش بوقتها بوقت مختلف وذلك لأسباب لن أذكرها لأنها مش وقتها في هذا المقال!!

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017