دعوني في هذه السانحة أدخل في موضوع مغيب قليلا عن أجندة الكتاب والساسة والمحللين، وأن أتطرق لموضوع هام علينا أن لا ندير له ظهرنا أبداً لأهميته ولحاجة الكثير من الأهل والمؤسسات في مجتمعنا لفهمه والتعامل معه، إنه موضوع شريحة ذوي الإعاقة، أو ذوي الحاجات الخاصة بالإسم الرقيق لواقعهم.
يتفق العقلاء من البشر على أهمية الرياضة وضَرورتها للحياة الصحية والهانئة، لكن أهميتها تختلف بشكل كامل عند ذوي الإحتياجات الخاصة، مهما كان نوع الإعاقة و درجتها ، فالحركة و ممارسة الأنشطة الرياضية تمتع الأفراد وتسرّي عن قلوبهم، وتبني أجسامهم، وتدمجهم في واقع مغاير للروتين اليومي، وهذه المتعة الناتجة عن الحركة تزيد من حوافز الأشخاص نحو الحياة هذا بالإضافة إلى الثقة التي تمنحها لممارسها.
فبالإضافة إلى إيجابيات الرياضة وفوائدها الصحية التي لا حصر لها تأتي الفوائد الاجتماعية الجمة، حيث يتقاسم الشخص وحدته مع الآخرين عبر الرياضة، ويشكل صداقات ومعارف، ويتعلم التضامن، ويجد فرصة لتطوير مهاراته عبر التعرف عليها ، وتطوير عواطف إيجابية إزاء جسمه وعقله وكيانه والناس الآخرين، وكل هذا يعطي للشخص فرصة التمسك بالوجود وإدامة الحياة الهادفة والممتعة.
ولأن الرياضة حق للجميع، تقيم المؤسسات المجتمعية العالمية مسابقات خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة ، بحيث تضمن لجميع المعاقين حق الاشتراك فيها، وتهدف مثل هذه المسابقات إلى رفع ثقتهم وإشعارهم بأنفسهم كرياضيين وهذه الثقة تجعلهم يتغلبون على إعاقتهم وعزلتهم .
بحسب رأي الخبراء فإن ممارسة ذوي الاحتياجات الخاصة للرياضة يخفف من الإعاقة في بعض الأحيان، إضافة إلى زيادة دافع الحياة لديهم، كما تكسبهم الكثير من الخاصيات الإيجابية الشخصية كالصدق و التسامح والتعاون ونحوها .
وبشكل عام فإن الرياضة مفيدة وضرورية لأجل بناء العضلات وتقوية العظام، كما تحسن من تأدية الأعضاء الداخلية لوظائفها؛ كالقلب والكبد، وتشير الدراسات إلى أن الرياضة تحت الرقابة والإشراف التخصصي تزيد من قوة العظام وصلابتها، أما عدم ممارستها فيؤدي إلى ضعف في العظام وبالتالي تشكل هيكل عظمي ضعيف، يزيد من آثار الإعاقة على المعاق وأسرته.
في الدول المتقدمة، مؤسسات مختصة بالمعاقين تقدم لهم كل يوم الجديد في عالمهم، الجديد الرياضي، والجديد الفني، وتدمجها في المجتمع، ونحن في المشرق عموماً، علينا أن نبدأ من خلال مؤسساتنا الثقافية، وأن تدخل البلديات ودوائر الحكومة في مجال رعاية واحتضان المؤسسات والفعاليات الترفيهية والرياضية لشريحة المعاقين .
طبعاً التنويه لهذا الأمر ليس ضرباً من الترف الفكري أو المعرفي، فنتيجة للصراعات والحروب والإشكاليات في عالمنا العربي والإسلامي ازدادت نسبة الإعاقة في مجتمعاتنا بصورة كبيرة، وهذا يتطلب وعياً غير روتيني في التعامل مع هذه الشريحة ومتطلباتها.