نابلس- أنوار نصر- في إحدى زقاق البلدة القديمة بنابلس وفي مصنع صغير ومتواضع يعمل الحاج نبيل العكر منذ سنوات طويلة في صناعة "الحلقوم"، الذي اشتهرت نابلس بصناعته منذ القدم، فهي تتميز عن سائر المدن الفلسطينية بصناعة أنواع مختلفة من الحلويات. في المصنع المتواضع التقينا الحاج نبيل العكر والذي تعلم صناعة "الحلقوم" وعمل فيها منذ نعومة أظفاره، كان منهمكا في صناعة الحلقوم بينما أقبلنا على مصنعة ليرحب بنا ويقدم لنا بعضا من الحلوى التي يصنعها كضيافة.

 

خلال زيارتنا له أخذ العكر يحدثنا عن مراحل صناعة الحلقوم، حيث يخلط السكر والجلوكوز والماء  مع بعضها البعض داخل الحلة (القدر الكبير) المصنوع من النحاس،  ومن ثم يضاف إلى الخلطة القليل من ملح الليمون وماء الورد والعطر الخاص، وبعد الإنتهاء يفرد المزيج على طاولة ذات سطح أملس، مشيرا إلى أن الحلقوم كان يصنع يدويا في السابق، ولكن بعد انتشار الآلات زاد الإنتاج لتلبية الطلب المتزايد والأذواق المتنوعة، ولكن لم تتغير الطريقة أو المكونات، وحافظت هذه الصناعة على أصالتها طوال السنين.

 

وأضاف أنه في المرحلة الاخيرة يتم تقطيع الحلقوم إلى مربعات صغيرة، ويرش عليها القليل من الفانيليا أو السكر الناعم، ومن ثم توزع في علب الكرتون الخاصة، والتى اشتهرت منذ زمن طويل ولم يتغير شكلها حتى الآن، حيث يعتبرها العكر جزءا من أصالة هذه الصناعة.

 

العكر الذي تجاوز العقد السادس من العمر حدثنا عن انتمائه لمهنته وحبه لها، قائلا: "أنا أحب هذه المهنة التي تعلمتها وتعلقت بها منذ طفولتي، ومتعتي خلال عملي بها لا توصف"، كما أنه يشعر بالفخر في مساهمته بالحفاظ على الصناعات التي اشتهرت بها مدينته نابلس، والتي تميزت عن سائر المدن الفلسطينية منذ القدم بصناعة الحلويات المختلفة ومنها الحلقوم الذي له العديد من الألوان والنكهات.

 

ما زال العكر يذكر بداياته في صناعة الحلقوم بأدق التفاصيل فبعد أن تعلم وعمل في أحد المصانع في البلدة القديمة لسنوات طويلة، ثم أنشأ مصنعه الخاص منذ أكثر من أربعين عاما، وما زال يعمل بها حتى الآن ويرفض التخلي عنها.

 

وحول الإقبال على شراء الحلقوم أكد العكر أنها من أكثر الحلويات رواجا، فسعرها زهيد وفي متناول الجميع، كما أنها كانت ولا زالت تطلب بكثرة من قبل سكان المدينة وخارجها حتى وصلت إلى كافة مناطق الضفة وغزة، ولكن الكثيرون يجهلون سبب تسميتها الذي ربما جاء نظرا لنعومتها وسهولة انزلاقها عند البلع، مبينا أنه يوجد في نابلس العديد من مصانع الحلقوم، التي يقارب عددها العشرين مصنعا، الأمر الذي يخلق منافسة قوية بين التجار وأصحاب المصانع.

 

أما عن الإنجازات التي حققها العكر في صناعة الحلقوم فقد تحدث إلينا قائلا: "شعرت بسعادة غامرة عام 2004، حيث اشتركت في معرض دمشق الدولي الذي حصلت فيه على الجائزة الأولى في صناعة الراحة رغم كثرة المنافسين في السباق، بعدها تلقيتُ العديد من الدعوات من الدول الأجنبية والعربية لترك نابلس والسفر للعمل في مصانعهم، إلا أنني رفضت وآثرت البقاء لخدمة أهل بلدي  رغم كل المغريات".

 

ومع تراجع الأوضاء الإقتصادية وارتفاع أسعار مختلف السلع إلا أنه لم يتم رفع سعر الحلقوم منذ سنين، رغم ارتفاع تكلفة المواد الخام التي تصنع منها.

 

ويعود تاريخ صناعة السكاكر والشوكولا النابلسية إلى بدايات القرن السابع عشر أيام الحكم العثماني، حيث ارتبطت هذه الصناعة ارتباطاً وثيقاً  بفلسطين، فلم يكن عدد أصناف الحلويات والسكاكر آنذاك يتجاوز عدد أصابع اليدين، لكن اليوم هناك مئات الأنواع، تختلف باختلاف المناسبات والفصول والأسعار.