بالأمس رحل احد ابرز الأعلام الرياضية على مستوى فلسطين لعقود عديدة تاركا وراءه إرثا من العمل المخلص الذي سيبقى عنوانا لكل من يتطلع إلى قدوة صالحة في العمل والانتماء، انه الوطني الغيور الأب الحاني صاحب البصمات الكبيرة في عالم الرياضة وكرة القدم انه المرحوم ( محمد بهجت النادي ) أبو بهجت ، رجل ترعرع على الانتماء والعطاء فأعطى عطاءا بلا كلل وبلا ملل ، لم ينتظر يوما وساما أو شكرا من احد لم يتطلع الى منصب أو حتى أن يكرم أو حتى درع تقديري ، إنما كان همه الأكبر وشغله الشاغل هو الارتقاء بالرياضة الفلسطينية وتطويرها وفق أعلى المستويات بما يخدم مصلحة الأندية والشباب ، أبو بهجت قدم للحركة الرياضية الشيء الكثير من جهده وعرقه وسنوات عمره لم يبخل يوما بتعبه وسهره كان العين الساهرة الحريصة على مصلحة الرياضة والرياضيين ، لا يعرف اليأس له طريقا بل كان دائما يشحذ الهمم وينمي الطاقات ويساعد الجميع سواء من عرفهم او من لم يعرفهم رجل نذر نفسه للعمل والأمل ، لم يتخل يوما عن نداء الواجب والعمل فكان دوما سباقا لكل عمل يخدم الرياضة ويخدم المحتاجين ، كان رحمه الله رجلا دقيقا في عمله كل شيء عنده موثق بأبهى صورة وأجمل ترتيب تعجز عنه مؤسسة كاملة بعشرات الموظفين ، كان يكتب كل شيء وتستطيع الرجوع إليه في أي وقت لأنه كان كنزا من الخبرة والمعرفة التي تعبر عن حال رجل بنى أجيالا وعاصر عقودا من العمل والانجازات الحافلة ، عمل في أحلك الأوقات وأصعب الظروف وفي أفقر الأوضاع واثبت انه على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه ، فكان مثالا يقتدى به في التواضع والأخلاق والهمة في العمل وبناء الشباب الرياضي المخلص لدينه ووطنه، لم يطلب يوما منصبا ولا جاها بقدر ما كانت المناصب تبحث عنه لأنه يستحقها عن كل جدارة واقتدار واستحقاق لأنه رجل المهمات الصعبة صاحب الأيدي الخيرة النظيفة والقلب الحنون ، فكان لا تأخذه بالحق لومة لائم شجاعا في قول الحق متراسا شامخا في وجه الفساد والفاسدين ، كان رجلا عفيفا أعطى عطاء بلا حدود ولم ينتظر يوما مردودا عن عمله لأنه يعمل من أجل فلسطين وشباب فلسطين ، وهكذا توالت العقود على أبي بهجت وهو يزداد صلابة وحبا للعمل ينتقل من محطة إلى محطة اكبر ومن فضاء الى فضاء أوسع ومن مسؤوليات الى مسؤوليات اكبر وأعظم من رئيس ومراقب في نادي عسكر إلى مؤسس لرابطة الأندية الى عضو في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم .... الخ، لم يكن محسوبا على ناد بمقدار ما كان محسوبا على الوطن لأنه صاحب رسالة سامية صاغتها سويا أيد متكاثفة متحابة كانت ترى في الرياضة ساحة من ساحات البحث عن الذات الفلسطينية المفقودة والتي ترى بالرياضة وسيلة لإثبات أننا شعب نستحق الحياة بالرغم من كل الألم والفقر ، أفكار وطموحات انطلقت من الخيمة من خيمة اللجوء لتنشر القيم والحب والعمل لترسم مستقبلا زاهرا لأجيال توالت على عشق التراب والحنين للوطن ، جبلت على حب الوطن والانتماء له حتى العشق فكان المرحوم أبو بهجت من هذا الرعيل الذي ستبقى بصماته خالدة على مر الزمن ، زمن العمالقة الكبار أمثال المرحومين محمد عمارة والدكتور راسم يونس هؤلاء رجال حفروا أسماءهم بالصخر في تاريخ الحركة الرياضية الفلسطينية بكل إخلاص وانتماء منقطع النظير لأنهم قدموا وضحوا من اجل فلسطين الأم والتاريخ .
رحل أبو بهجت ولكن ذكراه لن ترحل فهو خالد فينا بعمله قلبه ينبض بين ضلوعنا حبا وأملا بأننا وان فقدناه لكنه ترك لنا كنزا من الانجازات وسراجا مضيئا لا ينطفئ ضوءه ، وترك لنا مدرسة وصفحات من المجد لا تنسى على مر السنوات ، فنم قرير العين يا أبا بهجت فلقد أديت رسالتك على أتم وجه عملت فأحسنت العمل وأبليت بلاء حسنا فلك مني ومن كل الوطن الحب والوفاء ولأسرتك ووطنك أحر العزاء بفقدك وذكراك العطرة ستبقى راسخة فينا رسوخ جبلي عيبال وجرزيم وستبقى كنزا من كنوز فلسطين النادرة