رامي مهداوي
2020-08-29
يأتي هذا المقال استكمالاً لمقالي السابق بعنوان «لنخض مواجهة الدبلوماسية العامة»؛ لأن هناك عدداً من المتابعين والنشطاء في الشأن العام سألوني: لماذا نحتاج للدبلوماسية العامة؟
بالتأكيد نحن بأمس الحاجة لها في هذا الوقت بالتحديد من وجهة نظري؛ لأن تأثير الرأي العام على صنع القرار الحكومي يتزايد باطراد في جميع أنحاء العالم.
لقد تعلمت الجماهير في الدول الديمقراطية ممارسة التأثير على حكوماتها بطرق أكثر فاعلية من أي وقت مضى، وبالتالي تخضع لسلطة الرأي العام. أنا أزعم أنه حيثما ينمو تأثير الرأي العام، يجب أن يكون هناك تعزيز مصاحب للدبلوماسية العامة.
عالمياً ومع تزايد أهمية الرأي العام، نجد انخفاضاً في نسبة القرارات الحكومية المتخذة خلف الأبواب المغلقة، وانخفاضاً في نسبة التعاملات الحكومية التي تحدث خارج نطاق الرأي العام. غالباً ما يستخدم القادة الآن وسائل الإعلام للتحدث إلى القادة الآخرين والجمهور لأن معظم هذه الاتصالات ذات الدائرة المفتوحة ممكنة بفضل الثورة الحديثة في تكنولوجيا المعلومات.
ومن نظرة تاريخية لواقع اليوم، يبدو أن زوال العالم ثنائي القطب وظهور النموذج الجديد يعني أن القوى الكبرى والصغرى تجد نفسها في علاقات وتعاونات جديدة مع الدول الأخرى. فلم تعد القوة والازدهار يعتمدان بشكل أساسي على من يمتلك أكبر عدد من الصواريخ، أو على أكبر عدد من السكان. تعتمد القوة والازدهار بدلاً من ذلك على الاقتصاد والوصول إلى الأسواق، والقيادة في إنشاء خدمات ومنتجات قابلة للتسويق.
نتيجة لذلك، لم تعد الدبلوماسية تتعلق باكتساب ميزة خفية على الأعداء أو التفاوض على المعاهدات المغلقة في بعض قاعات المؤتمرات بوزارة الخارجية. لقد أصبحت الدبلوماسية فن التوصل إلى اتفاقيات بين الكيانات التي يخدم مصلحتها المتبادلة من خلال الجهد التعاوني. بالتالي الدعم العام ضروري.
لذلك كله، لو كنت صاحب قرار في الشأن الدبلوماسي، وفي ظل حالة ما يسمى تطبيع العلاقات العربية مع الاحتلال، سأقوم بتنفيذ برامج إعلامية وأبدأ بالأنشطة الثقافية والتعليمية. تركز البرامج الإعلامية على نشر المواد للصحافيين الدوليين والمسؤولين الحكوميين والأكاديميين وغيرهم من صانعي الرأي الذين يتابعون الأجندة اليومية بالنسبة للقضية الفلسطينية.
يشمل ذلك الجهود التالية:
نجمع جميع الخطب وأوراق المواقف العامة ونصوص المؤتمرات الصحافية أو التصريحات العامة الأخرى للقيادة الفلسطينية والشارع الفلسطيني، والتي قد تكون ذات فائدة للشعوب في أي مكان في العالم. في غضون ساعات من توفر هذه المواد، نقوم بتجميعها وإرسالها إلكترونياً إلى كل سفارة فلسطينية. نقوم أيضاً بنشرها على كافة المواقع الحكومية بالإضافة إلى ذلك، نقوم بترجمة العديد من هذه المواد إلى لغات العالم: الفرنسية والإسبانية والروسية الصينية والبرتغالية. نقوم بكل هذا بشكل مركزي لأنه يوفر الوقت، أيضاً نقوم بتطوير إستراتيجيات حول أفضل السبل لنقل موقف فلسطين بشأن القضايا ذات الاهتمام العالمي.
أخيراً، فإن تطبيق تكنولوجيا الاتصالات الحديثة على الدبلوماسية العامة أمر ضروري للغاية، وأقترح أن هذا يعني أنه لا ينبغي ترك تصميمها لمديري الأنظمة. يحتاج ممارسو الدبلوماسية العامة إلى تثقيف أنفسهم في تقنيات الاتصال في عالم اليوم وتعلم كيفية نشرها.
العالم أصبح سريع الحركة، كذلك الأشخاص الذين يعرفون كيفية اختيار المعلومات وفرزها وتحريرها والمصادقة عليها قيّمين للغاية. لا أقصد فقط في مجال الخدمات الدبلوماسية، ولكن في جميع أنحاء القوى العاملة. الخبراء المطلوبون هم من يطلق عليهم اسم عمال المعرفة. وستتمتع المؤسسات والدول التي تقود أو تلعب دوراً مؤثراً في ثورة المعلومات بالمزايا والقوة والمكافآت.