د. خالد معالي
حتى الشيطان، يقف حائرا مستغربا مما يخترعه ويخطط له الاحتلال وينفذه من اعمال وافعال وقوانين على مقاسه لمصادرة الارض الفلسطينية وتهجير وطرد الفلسطينيين، واحلال المستوطنين المستجلبين من مختلف اصقاع الارض مكانهم.
آخر ما طالته عقلية الاحتلال هو ان التمدد الاستيطاني يتم بحسن نية، حسن نية ترك الفلسطيني بلا ارض ولا انتاج، وتركه نهما للمنافي وعبدا يعمل في المستوطنات مجبرا ومكرها لا مخيرا.
وتفسير "حسن النية" ليس بذلك الغموض، وهو بكل بساطة يعني أنه إذا اعتقد جيش الاحتلال الإسرائيلي "بحسن نية" بأن المقصود هي أرض حكومية تم تخصيصها للمستوطنين، فإن هذه الأرض ستصبح مشروعة للبناء حنى إذا اتضح لاحقا أنها ليست خاضعة لسيطرة الإدارة المدنية "الإسرائيلية"، ذراع وزارة جيش الاحتلال في الضفة الغربية.
وقبل ايام شرعنت ما يسمى بالمحكمة العُليا الإسرائيلية، مصادرة أراضٍ بملكيّة فلسطينية خاصّة، إذ صادقت على لائحة تُتيح ذلك، بحسب ما أفادت صحيفة "هآرتس" الإسرائيليّة، وتطرّقت "العُليا" في قرارها، إلى ما يُسمّى بلائحة "السوق"، التي تسمح بمصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة إذا تم نقل الأرض بـ"حسن نية".
ووافقت المحكمة على استخدام هذه اللائحة من حيث المبدأ، لكنها قالت إنها لا تنطبق على "متسبيه كرميم" لأن الدولة لم تنجح في اختبار "حسن النية"، وبحسب القضاة، فإن مفوض الأملاك الحكومية "أغمض عينيه عن رؤية إشارات التحذير المتعددة التي كانت أمامه لسنوات عديدة".
وتستند لائحة "السوق" إلى القسم 5 من الأمر رقم "59" المتعلق بـ"الممتلكات الحكومية" في الضفة الغربية المُحتلّة، والتي بموجبها؛ ستظلّ المعاملة التي تمت بين مفوض ملكية الحكومة في الأراضي المحتلة وشخص آخر، ساريةً، حتى "لو تبين في وقت لاحق أن الممتلكات المنقولة لم تكن في الواقع حكومية. أي ما دامت الصفقة تمت (وفقا لما أُطلق) عليه ’حسن نية’"، بحسب "هآرتس".
ويجيئ قانون "لائحة السوق" في حيثيات تقديم فلسطينين من الضفة الغربية، في عام 2011، التماسا إلى المحكمة العليا، مؤكّدين أنهم يمتلكون قطعتين من الأرض، بُنيت عليهما منازل للمستوطنين في "متسبيه كرميم"، التي أقيمت كحي في مستوطنة "كوخاف هشارار"، ما دفع سكان البؤرة الاستيطانية، لرفع دعوى قضائية في المحكمة المركزية في القدس، اعتمدوا فيها على لائحة "السوق"، وزعموا أنهم استولوا على قطعتي الأرض بشكل قانونيّ.
من خلال الاطلاع على القانون " الاسرائيلي" فان "حسن النية" يعتمد ايضا على المادة الخامسة من نظام خاص بالممتلكات الحكومية، وهو أمر عسكري صدر عام 1967، حيث تنص المادة على أن كل صفقة تمت "بحسن نية" بين المسؤول وشخص آخر، حول أي عقار اعتقدت الدولة أنه من الممتلكات الحكومية، "لا تعد لاغية وتبقى سارية المفعول حتى إذا ثبت أن العقار لم يكن في حينه بملكية حكومية".
ما بني على باطل فهو باطل، وكل قوانين الاحتلال باطلة لانها صدرت من محتل غاصب للارض بالقوة، والاحتلال لا يجيزه القانون الدولي، ولا تقر به كافة الشرائع والمواثيق الدولية، ولكنها للاسف شريعة الغاب التي لا تعترف سوى بالقوي، فهل راكمنا قوة كافية لكنس الاحتلال بدل مفاوضته والتي ثبت عدم قدرتها على تحقيق دولة فلسطينية وكنسه لمزابل التاريخ!؟ نأمل ذلك.