يسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى تشريد الفلسطيني في أبقاع الأرض وذلك بهدف فرض أجهزته عليها من اجل الاستيلاء على مساحات شاسعة ، فيما يسعى المواطن الفلسطيني بالمقابل للحفاظ على هذه الأرض رغم أنف الاحتلال الذي يعيثُ الفساد في كل مكان.
منطقة أم الجمال تقع بالقرب من وادي المالح في الأغوار الشمالية هُجر أصحابها بقرار احتلالي بعدَ هدم مساكنهم و حظائر أغنامهم. فمن جهة الاحتلال ومن جهةٍ أخرى المستوطنين الذين يحاصرون مضارب الأغوار والمالح بين الحين و الآخر.
محمد أبو مطاوع هدمت خيمته كباقي المواطنين القاطنين في ام الجمال ، فيعول على ممارسات الاحتلال التي يقوم بها بطريقةٍ شرسة ، ويضيف: "وجودنا هو تثبيت للأرض وحمايتها من ممارسات الاحتلال من السيطرة واغتصاب أراضينا، لسنا نعلم أين سنذهب بعد أن هدمت مساكننا وأيضا قيام قوات الاحتلال بهدم حظائر المواشي".
وفي هذا الصدد علَق عارف دراغمة رئيس مجلس منطقة المالح بقوله :" الاحتلال يسعى دائمآ لتثبيط معنويات الفلسطينيين والأهالي هنا في المالح و تحديدآ يستهدف خربة ام الجمال والتي يعمل سكانها بتربية المواشي من اجل الحصول على لقمة عيشهم".
ويضيف: "وجود البدو في خربة ام الجمال و بالأغوار بشكل عام هو دعم وصمود للأرض الفلسطينية و حمايتها من المصادرة و الاستيطان فوقها، و الذي يقوم كل فترة وأخرى بما يسمى "المناورات و التدريبات العسكرية" وكذلك بث الرعب في صفوف المواطنين من خلال إلقاء الألغام و وابل من القنابل الصوتية بحجة التدريب العسكري".
ويتابع دراغمة: "نحن نعمل بجهود حثيثة دعمآ للمواطن البدوي لكي نساعد هؤلاء السكان القابعين تحت وطئة الاحتلال الإسرائيلي".
وأثنى عارف دراغمة على جهود رئاسة الوزراء الفلسطينية المتمثلة بالدكتور رامي الحمد لله بزيارته للمنطقة و تفقده لأحوال الأهالي في منطقة المالح، وتحديدآ أم الجمال وأيضا قام بتخصيص مبالغ من المال لتحسين أوضاع السكان في الأغوار والتخفيف من حدة المعاناة التي يعانوها.
وكانت قوات الاحلال قد أقدمت على هدم مساكن المواطنين بدون سابق انذار، كما و احضرت قوة عسكرية وما يسمى بالتنظيم و البناء فيما يدعى لدى الاحتلال "بالإدارة المدنية"، حيث هدمت ما يقارب ثلاثة عشر مسكنآ تأوي قرابة المئة مواطن، وذلك بهدف تهجير أصحابها منها.
ورغم هذه الجرافات الإسرائيلية والعبث في محتويات الأهالي، إلا أن المواطن في منطقة الأغوار و مضارب المالح يعيد ما دمره الاحتلال وذلك للبقاء فوق الأرض، الأمر الذي يؤكد على قدرة الفلسطيني بإعادة ما دمره الاحتلال رغم الإجراءات الإسرائيلية.
وتجدر الاشارة إلى ان مناطق الاغوار مستهدفة من قبل الاحتلال منذ عشرات السنين، والذي دمر خلال أيام قليلة ثلاثة عشر مسكنا تعود لأكثر من اثني عشر مواطنآ في الاغوار الشمالية و يرزا و بزيق و أم الجمال، فيما يقدم الاحتلال لهؤلاء السكان حججا وذرائع امنية واهية. احلام الطفولة المعذبة في مناطق الاغوار هي من نتاج الاحتلال الذي يسعى تهجير الفلسطيني من ارضه، ويأبى إلا أن يتشبث بها مهما كلفه الامر ، مما يدفع المواطن الفلسطيني للتمسك بارضه الى ان يشاء الله.
هم من يفترشون الأرض و يلتحفون السماء وبعيونٍ دامعة ويدٍ ترتجف بدأ المواطن عبد الكريم حريبات يروي قصته مع الاحتلال الصهيوني، من هدم ودمار للبيوت و تشريد أهل بيته ،علما ان وجودهم تثبيت للأرض خوفا من أن تصلها يد الغدر، فحاله لا يختلف كثيرا عن أحوال غيره من السكان القاطنين في منطقة أم الجمال حيث المعاناة المستمرة.
يقول حريبات :" في ساعات الصباح الباكر جاءت قوة كبيرة من الجيش و معهم جرافات ضخمة، اقتلعوا الخيم من جذورها ،لم يسلم منا شيئ حتى الاطفال اصيبوا بالبرد والهلع و الخوف، وكل يوم يمارس الاحتلال تدريبات ويقومُ بإزعاجنا لكي يردعنا و كأنه يظن أننا سوف نخرجُ من أرضنا، ولم تسلم حتى المواشي من هذا الاحتلال الغاشم، حيثُ تعرضت مواشينا للرشق بالحجارة من قبل المستوطنين وأيضآ السرقة".
ويضيف: "رغم أنه لم يبقى لنا شئي إلا أننا متمسكين بأرضنا لا نخرج منها و لو على جثثنا، هم يهدمون و نحن نبن وهكذا نعيشُ حياتنا".
سلسلةٌ من الدفاترِ تُبحر في حياةِ المواطن البدوي بمنطقة أم الجمال بالأغوار، و مع مرور الزمن سيكتشف الكثيرون أن ما يعانيه الأهالي في الوقت الحالي ليس الا غيضٌ من فيض، وربما تعبيراتُ الصحفيين وأصحاب القلم لا تكفي بحق هؤلاء وما هي إلا قطرةٌ من محيط علها تصلُ أصحاب الضمائر الحية وذلك لأن الصورة أبلغ من الكلام.
