أمتعت قصائد "الملحون" جمهورا مغاربيا عريضا، طيلة قرون، لكن هذا اللون الشعري والغنائي صار مثارا للجدل، في الآونة الأخيرة، بعدما تضاربت الآراء حول أصله، أي ما إذا كان مغربيا أم إنه جزائري؟ أو أنه مزيجٌ مغاربي منهما معًا.
ويقومُ هذا الفن على أداء قصائد طويلة من شعر "الملحون"، تمتزج فيها اللهجة العامية بالعربية الفصحى، وغالبا ما تكون مصحوبة بإيقاع موسيقي خفيف، وفي المغرب، برع في هذا الفن، مطربون مثل الحسين التولالي من مدينة مكناس، وسط المملكة.
أما في الجزائر المجاورة، فقد لعب شعر الملحون دوره أيضا في توثيق عدد من المحطات التاريخية، ويرى أكاديميون أن هذه النصوص أصيلة في تاريخ البلاد، لاسيما في عهد الدولة العثمانية والاستعمار الفرنسي.
لكن منشأ هذا الفن يؤجج الجدل بين باحثين في المغرب والجزائر، وهذا "التجاذب" يعيد إلى الأذهان خلافا حول حقوق الملكية الفكرية لأشياء أخرى مثل طبق الكسكسي الشهير.
ويرى البعض أن هذا النقاش يحتاجُ إلى الانتباه إلى مستويين اثنين؛ أي التمييز بين قصائد الملحون التي جرى نظمها في البلدين منذ قرون، من جهة، ثم فن الملحون أي الأغاني التي أدت تلك النصوص البليغة، ثم صارت في ذهن الناس هي الملحون، فهل يجري "التقاطب" الحالي حول القصائد ومن الذي نظمها، أو حول اللون الغنائي، وهو أحدث تاريخيا.