رامي مهداوي
2020-09-12
لنتحدث بصراحة حتى لو كانت مؤلمة للبعض؛ لأن ألم ضياع القضية الفلسطينية أكبر من أي مصالح شخصية، وأكبر من جميع الفصائل والتحالفات التي أصبحت تأكل بعضها البعض. لنعترف بأننا فقدنا الفعل السياسي الممنهج في النضال الفلسطيني من أجل التحرير وحق تقرير المصير والاستقلال، وأصبح كل اهتمامنا هو إدارة الأزمة المنبثقة عن احتلال فلسطين.
على جميع القيادات من مختلف الفصائل والمشارب الفكرية الوطنية والإسلامية أن تعترف بفشلها كأول خطوة في تصحيح المسار الحالي للواقع الذي نعيشه، كنت أتمنى من أي أمين عام في اجتماعهم الأخير أن يعترف بفشل سياساته خلال السنوات الماضية ويتنحى جانباً، بل على العكس أغلبهم قدم لنا مواعظ وطنية وكلمات فضفاضة دون أي رؤية ممنهجة لفعل قائم من أجل تحقيق خطة وطنية هدفها ليس مهاجمة دولة عربية، بقدر كيفية مواجهة العواصف المختلفة التي تضرب جذور قضيتنا الوجودية في ظل حالة التغيرات العربية والعالمية.
عذراً.. أما اللجان وتشكيلها وغير ذلك فإنها عبارة عن مُسكنات تخديرية لشراء وقت حتى يكتمل مشهد الانتخابات الأميركية التي دائماً نعلق بشباكها في الانتظار!! وربما كانت اللجان فقط للبهرجة الإعلامية دون أن تكون هناك نية فعلية لدى الجميع بالفعل العملي لمواجهة التحديات، فالكل سعيد بما هو قائم عليه ومساحاته المعطاة له في ظل حالة الانهيارات التي تعاني منها قضيتنا.
هذا الوقت المجاني الذي نقدمه للولايات المتحدة ودولة الاحتلال هو أفضل وقت لنا لقلب الطاولة على الجميع، خصوصاً أن هناك عدداً من الدول العربية ولإسلامية والأجنبية تنتظر دورها في طابور بناء العلاقات التطبيعية مع إسرائيل، ولنتفق هنا أن فلسطين لم تعد قضية العرب الأولى؛ فلكل دولة مصالحها ومشاكلها، وهناك من يقول بصراحة: إننا تحملنا الفلسطينيين أكثر مما يتحملون أنفسهم، والدليل حالة الانقسامات والصراعات التي تعاني منها القضية الفلسطينية!!
وهنا لن أتحدث عمّا يجب أن نفعله من إعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية من خلال عقد مجلس وطني لانتخاب قيادة جديدة، لكن ما علينا فعله وسريعاً هو تخطيط تكتيكي لبناء إستراتيجيات عملية وليس حبراً على ورق.
فمثلاً كان الأجدر قبل اجتماع جامعة الدول العربية تنفيذ جولات مكوكية لجميع الدول المؤثرة؛ للتأكيد أننا كشعب فلسطيني لا نقف مع دولة ضد أخرى وننتمي إلى محور ضد آخر بقدر ما نحن ننتمي لقضيتنا الفلسطينية أولاً وأخيراً، وماذا عن إعادة فتح جبهات المقاومة المتنوعة في مختلف المواقع بالضفة وقطاع غزة وحتى بالداخل الفلسطيني، وإرسال رسائل واضحة إلى كافة الأحرار في العالم بأن فلسطين بحاجة لكل فعل وليس لكلمات فارغة، وعلى كل من يصف ذاته بأنه ينتمي إلى معسكر المقاومة بأي شكل كان أن يتحرك الآن، فلا يوجد وقت للانتظار، وأيضاً أعيد وأكرر أننا بأمسّ الحاجة لفعل دبلوماسي عام شعبي وبالأخص موجه للأشقاء في دول الخليج العربي.
في الماضي كنّا الفعل والفاعل، والجميع ينتظر ما هو الفعل القادم من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية؟ في الماضي إذا ما اجتمعت اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» تقف مخابرات بعض الدول العربية والأجنبية على قدم واحدة!! في الماضي إذا ما تحدث الشهيد القائد خليل الوزير «أبو جهاد» تشتعل شوارع قباطية ورفح وطولكرم وخان يونس وجبال نابلس، في الماضي كان الفعل من الشهيد ياسر عرفات يصيب العدو بحالة إرباك!! فهل نستطيع تحويل قضيتنا من المفعول به الغائب إلى الفاعل الحاضر؟!!