رامي مهداوي
2020-09-26
الانقسام والصراع يجب ألا يواجه بعدم رؤية حقيقة ما حدث ويحدث على أرض الواقع، عليهم ـــــ أي القيادة ــــ مواجهة حقيقة أنهم في صراع، ما يحدث هو التعايش معه بالكامل دون أن يستشعروا معاناة الشعب الذي ذاق ويذوق بشكل يومي الطعم المُر لهذا الصراع في حياتنا اليومية. أصبحت عقولنا وقلوبنا ساحات معارك ضد بعضنا البعض، على من يريد الانتخابات، الآن، أن يعمل ما هو مطلوب منه قبل الانتخابات وإحداث إصلاحات اجتماعية اقتصادية ثقافية مختلفة، فالشعب يرغب بشدة في إحداث تغيير ومحاسبة أيضاً.
أصبحت المُصالحة أشبه بمعركة مستمرة وعنيفة وعميقة تجري داخل كل واحد منا، ونحن إما مدركون أو غير واعين لها. إذا كنا واعين للصراع، بالمعنى المرتبط به مباشرة، نحاول الهروب منه أو قمعه أو إيجاد طريقة للتغلب عليه. كل هذا يعني معركة مستمرة، الانقسام أرهقنا ولا ينتهي بإجراء الانتخابات مع الأخذ بعين الاعتبار أن الانقسام يوفر كافة الامتيازات للمستفيدين منه والعيش برفاهية!!
إذا كنتم غير مدركين للصراع، فأنتم غير مدركين للواقع الذي يعيشه الشارع الفلسطيني من رفح حتى جنين، ولا تشاهدون الأشكال المختلفة من الأمراض التي تعصف بالجسد الفلسطيني. ومدى تأثيرها في علاقاتنا وأنشطتنا، في كل ما نقوم به، هذه المعركة اللاواعية لها تأثيرها، ونأمل دائما في تحقيق مصالحة نهائية عميقة لكننا نحبط دائما؛ ويأتي معه الحزن والغيرة المؤلمة من الآخرين الذين يتقدمون بالعالم وبعلاقاتهم مع الاحتلال على حساب قضيتنا. لذلك نحن عالقون في بؤس معركة أبدية مع أنفسنا ومع هيئاتنا القيادية التي أوصلتنا إلى القاع المظلم.
يمكننا أن ننكر هذه الحقيقة، أو نتعامى عنها، أو نرفضها، أو نسأل ما يمكن فعله حيالها. يمكننا معرفة أسباب الصراع المختلفة. هل اكتشاف السبب يحرر العقل من الصراع؟ عندما أكتشف لماذا أنا في صراع وأجد التفسير الصحيح، هل سينتهي الصراع؟
إن مجرد اكتشاف السبب لا ينهي تضارب أي شيء إذا راقبت ذلك بعناية. التفسيرات لا قيمة لها بالنسبة لمن هو جائع. الكلمات لا تملأ المعدة. لكن بالنسبة لمعظمنا فإن التفسيرات ترضي بشكل غريب - تفسير سبب صراعنا، ولماذا لا مفر منه، ولماذا نشأنا عليه. يمكننا أن نرى الأسباب - التعظيم الذاتي والشفقة على الذات والطموح والعديد من الأسباب الخفية التي تكون واضحة إلى حد ما عندما نفحصها - نحن نعرفها.
أرى بوضوح شديد أن الصراع، الانقسام، الانقلاب بأي شكل من الأشكال داخليا وخارجيا بجميع أشكاله هو العامل الأكثر تدهورا في الحياة الفلسطينية، هذه الحقيقة أهم بكثير من توضيحي للحقيقة، أو اكتشاف سبب الحقيقة. الحقيقة أهم بكثير من الهروب من الحقيقة والذهاب الى لعبة الانتخابات كونها وصفة علاج على شكل المهدئات أو القيام بأشكال مختلفة من التأمل غير المجدي لإبهار المواطن الفلسطيني. لذا فإن رؤية الحقيقة تتطلب اهتماما كاملا لا مفر منه.