وكتب باحثون من بريطانيا وكينيا والولايات المتحدة في صحيفة أزانيا يدعون إلى "تدخل كبير" لإنقاذ بعض المواقع التراثية.
سواكن، السودان
كانت مدينة سواكن، الواقعة شمال شرقي السودان، ذات يوم ميناء هاما للغاية على البحر الأحمر، وقد بدأت قصتها قبل 3000 عام، عندما حول الفراعنة المصريون الميناء ذا الموقع الاستراتيجي إلى بوابة للتجارة والاستكشاف.
وأصبحت سواكن فيما بعد مركزا للحجاج في طريقهم إلى مكة، كما لعبت دورا مهما في تجارة الرقيق في البحر الأحمر، وأصبحت أيضا جزءا من الإمبراطورية العثمانية، ومع ذلك فقدت مكانتها البارزة كميناء بمجرد تطوير ميناء بورسودان شمالا في بداية القرن الماضي.
وتقول منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، اليونسكو، إن كثيراً من مناطق سواكن في حالة تدهور، لكنها لا تزال تحتوي على نماذج رائعة من المنازل والمساجد.
وتعكف البروفسورة، جوان كلارك، من جامعة إيست أنغليا في بريطانيا حاليا على بحث لتحديد سرعة الخسائر الناجمة عن ارتفاع مستوى سطح البحر وتآكل السواحل، إذ تقول : "إن ما نعرفه هو أن ساحل البحر الأحمر سيتأثر في العقود القادمة، وهذا يعني أن ما بقي على قيد الحياة حاليا سيضيع دون تدخل".
المواقع الساحلية في جزر القمر
يوجد في جزر القمر، وهي أرخبيل بركاني يقع قبالة ساحل شرق إفريقيا، العديد من المواقع المحفوظة جيدا بما في ذلك مدينة وقصر يعود تاريخهما إلى مئات السنين، لكن البروفسورة كلارك تقول إن تلك المواقع من الأماكن "الأكثر تهديدا" بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر في أفريقيا.
وتؤكد إحدى الدراسات إنه بحسب أحد السيناريوهات، التي تبدو منطقية، لانبعاثات الكربون العالمية، من المستويات المعتدلة إلى العالية: "فإن أجزاءً كبيرة من المنطقة الساحلية الأفريقية ستغرق بحلول عام 2100".
وتوضح الدراسة أنه "بحلول عام 2050 ستكون غينيا وغامبيا ونيجيريا وتوغو وبنين والكونغو وتونس وتنزانيا وجزر القمر كلها في خطر كبير بسبب تآكل السواحل وارتفاع مستوى سطح البحر".
بلدة لامو القديمة في كينيا
تعد البلدة القديمة في لامو أقدم مستوطنة سواحيلية، وأفضل المستوطنات التي جرى الحفاظ عليها في شرق أفريقيا، وفقا لليونسكو.
وعلى عكس البلدات والقرى الأخرى على طول ساحل شرق أفريقيا، والتي هُجِر العديد منها، ظلت لامو مأهولة بالسكان منذ أكثر من 700 عام.
وتضيف الأمم المتحدة قائلة إنها أصبحت أيضا مركزاً مهماً لدراسة الثقافات الإسلامية والسواحيلية.
ومع ذلك، فقد "تأثرت لامو بشدة بتراجع الساحل"، مما يعني أنها فقدت الحماية الطبيعية التي كانت توفرها الرمال والنباتات.
ويتعلق ذلك جزئيا بالتغير في مستويات سطح البحر، لكن تنحي البروفيسور كلارك باللائمة أيضا على بناء ميناء لامو الضخم شمالي المدينة القديمة "الذي يدمر غابات استوائية تحمي الجزيرة من الفيضانات".
الحصون والقلاع الساحلية، غانا
تنتشر على ساحل غانا مراكز تجارية محصنة تأسست بين عامي 1482 و 1786، وتمتد لمسافة 500 كيلومتر على طول الساحل.
قد بُنيت تلك القلاع والحصون واحتلالها في أوقات مختلفة من قبل تجار من البرتغال وإسبانيا والدنمارك والسويد وهولندا وألمانيا وبريطانيا.
ولعبت تلك القلاع والحصون دورا في تجارة الذهب، وفي وقت لاحق في صعود تجارة الرقيقوأفولهابين إفريقيا والأمريكتين، لكنها تقع في مناطق معرضة بشدة لتأثير العواصف وارتفاع مستوى سطح البحر.
وتقول البروفيسور كلارك إن بعض الأمثلة على تلك الهندسة المعمارية مثل حصن برينزينشتاين في كيتا، شرقي غانا، "قد تآكل في البحر".
وبمقارنة الصور الحالية للقلعة بالصور التي التُقِطت قبل 50 عاما، من الممكن رؤية الطريقة التي ينهار بها هيكل الحصن.
الفن الصخري في تويفيلفونتين، ناميبيا
يمكن أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة الرطوبة في المناطق القاحلة نسبيا وخلق الظروف الملائمة لتكاثر الفطريات والحياة الميكروبية على الصخور.
ذلك ما يحدث في مواقع مثل تويفيلفونتين في منطقة كونين في ناميبيا التي تضم واحدة من أكبر تجمعات الفن الصخري في القارة السمراء.
دجيني في مالي
تشكل منازل دجيني التي يبلغ عددها ألفين أو نحو ذلك بعضا من أكثر الصور شهرة لمالي. وكانت دجيني، المأهولة منذ عام 250 قبل الميلاد، مدينة تجارية ووصلة مهمة في تجارة الذهب عبر الصحراء.
وفي القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين كانت واحدة من مراكز انتشار الإسلام عبر غرب إفريقيا.
لكن تغير المناخ أثر على توافر الطين عالي الجودة الذي يستخدمه السكان الأصليون في بناء منازلهم.
وتقول الدراسة إن سكان المنطقة، الذين شهدوا أيضا انخفاضا في دخلهم بسبب إخفاق زراعاتهم، يضطرون إلى الاعتماد على مواد أرخص "تغير مظهر البلدة تغييرا جذريا".
وتقول البروفسورة كلارك إن "تغير المناخ لديه القدرة على أن يكون عاملا مضاعفا للتهديد، وله تأثيرات غير مباشرة يمكن القول إنها أكثر خطورة من التأثير المباشر".