بقلم: أيمن عزريل
تعد الأرض العربية مهد الحضارات، وهي التي ظهر فيها المفكرون والسياسيون والعلماء والفقهاء، ومن بينهم "ابن سينا، وابن رشد، والفارابي، وابن خلدون"، فهل سيقدر ربع القرن القادم أن يقدم نماذج من العبقرية الفكرية حول التأمل السياسي والدفاع عن حقوق الإنسان العربي.
إن قضية الإنسان العربي وحقوقه تحتل مكانة مركزية وأولها حقوقه السياسية والدستورية، وهذا يثير قضايا مهمة مثل الغاء قوانين الطوارئ، والأحكام العرفية، وسلطات الاعتقال، التي تمارسها الهيئة التنفيذية في ظل هذه القوانين وقضايا التعذيب الجسدي للمسجونين وللمعتقلين السياسيين، وقضايا الاعتداء على الدستور ومخالفته، وانتهاك أحكامه وقضايا استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولا شك إن الطريق طويل وصعب، ولا بد هنا مندور للمثقفين وأصحاب الفكر في الدفاع عن حقوق الإنسان العربي ، وتبصير المواطنين بحقوقهم وتكريس وعيهم بها وبذل جهود لوضع النظم والإجراءات التي تدعو أي حاكم لأن يفكر ألف مرة قبل أن يتعدى على حريات الشعب وكرامة الإنسان بشكل عام.
إن الإنسان أغلى ما في الوجود والشعب سيد البلاد التي هي موطنه، هذان الشعاران والمفهومان حضاريان استقرا في بلاد عربية كثيرة منذ عهود طويلة، نريد لهما أن يستقرا أيضا في جميع أقطار وطننا العربي، والإنسان فيه يولد حراً نريد له أن يبقى حراً فالحرية أساس الوجود.
إن المواطن والشعب الحر مرتبطان ببعضهما يتحقق أحدهما بوجود الأخر فلا يتصور وجود الشعب الحر من غير مواطنين أحرار، ولا يمكن ضمان الحرية للمواطنين إلا في نظام حر لا تكون فيه سلطة الحاكم إرادة شخص معين وإنما إرادة مجموع الشعب، هذه النتيجة التي نريد أن نصل إليها لا تتحقق بالتمنيات فلا بد من أن تعمل لها كل النخب المثقفة والقوى الشعبية والوطنية على صعيد الوطن العربي من أجل الوصول إلى هدف إقامة الحكم على أساسإرادة الشعب، وأن تتحمل كامل مسؤولياتها.
فالمطلوب إذن هو انطلاقة حقيقية واعية من أجل تعزيز حق الإنسان (المواطن) العربي من أجل مبدأ سيادة القانون في الوطن العربي، حيث أن الديمقراطية وحقوق الإنسان لم تعد ترفاً ثقافياً أو موضوعاً يهم المثقفين فقط بل هي ضرورة حيوية لنهضة الأمة والخروج بها من أزمتها.
وعلينا أن نعلم أن حرمان المواطن العربي من حقوقه وحرياته الأساسية سوف يؤدي إلى تطويعه وشل قدراته وتطلعاته العامة وبالتالي تقزيم الأهداف الوطنية والقومية، وعليه فإن الطريق للخروج من الأزمة الخانقة التي تمر بها الأمة لا تكون بمحاولة القفز مباشرة إلى الحكم وإنما بمحاولة حل أزمة المواطن من أجل إعادة الحركة في نفسه الساكنة والحياة إلى روحه المستكينة المستسلمة، وعلينا أن نتعاون ونعمل فيما بيننا من أجل ضمان الحد الأدنى من حقوق المواطن وحرياته الأساسية والتي من خلالها وفي ظل معطيات الواقع المختلفة يمكنه أن يقف على قدميه مرة أخرى ويستعيد ثقته بأمته ومستقبلها.