لا تزال صحف عربية تلقي الضوء على المقابلة التي أجراها السفير السعودي السابق في واشنطن وأمين مجلس الأمن الوطني السابق بندر بن سلطان بن عبد العزيز مع قناة العربية والتي عُرضت على ثلاثة أجزاء.
وخلال المقابلة، انتقد الأمير بندر القيادات الفلسطينية وعرض محاولات بلاده لإيجاد حل للقضية الفلسطينية.
وقال فريق من الكتاب إن بندر، بحكم عمله الدبلوماسي في واشنطن، يحاول أن ينال "الرضا" لبلاده من الولايات المتحدة من خلال التطبيع مع إسرائيل.
بينما نفى فريق آخر هذه التهم عن بندر، وتحدث عن محاولاته لإيجاد حل للقضية الفلسطينية، مستخدما "قُربه وعلاقاته مع صناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية".
"تقديم آيات الطاعة"
يتساءل عبد الباري عطوان في جريدة رأي اليوم اللندنية، قائلا: "نسأل الأمير بندر سؤالا أخيرا وهو: نحن نفصل بين القيادة الفلسطينية وشعبها، هل يسمح لنا، أو لأي مواطن سعودي أن يفصل بين القيادة السعودية وشعبها، وبما يعطي الحق له للتطاول على هذه القيادة بالطريقة التي تطاول فيها على القيادة الفلسطينية، ومن موقع المسؤولية كعضو بارز في الأسرة الحاكمة؟"
ويتابع عطوان: "هل يسمح الأمير بندر لأحد أن ينتقد القرار الكارثي الذي اتخذته قيادته بخوض حرب اليمن، أو إهدار ثروات الأجيال الحالية والقادمة في هذه الحرب، وشراء رضاء رئيس أمريكي بلطجي عنصري كاره للعرب والمسلمين، اسمه دونالد ترامب، وإنفاق مئات المليارات من الدولارات على صفقات أسلحة لم 'تحرر' صعدة البعيدة بضعة كيلومترات عن الحدود الجنوبية السعودية، ناهيك عن صنعاء؟"
ويختتم عطوان بقوله: "القيادة الفلسطينية فاشلة، بل مغرقة في الفشل، ونتمنى عليك يا سمو الأمير أن تحدثنا عن نجاحات قيادتكم، والله المستعان".
وفي السياق ذاته، تقول جريدة القدس العربي اللندنية في افتتاحيتها إن الرياض "أرسلت جملة من الإشارات التي لا تدعم الاتفاق بقوة فقط، بل توحي بأن المملكة سوف تسلك درب التطبيع ذاته في الوقت المناسب … ويبدو أن هذه الإشارات لم تكن كافية أو أنها لم تنل الرضا لدى البيت الأبيض ومجموعات الضغط التي تعمل لصالح دولة الاحتلال في الولايات المتحدة، وتوجب بالتالي أن تصل رسالة أخرى".
وتضيف الجريدة: "ومَن هو الأجدر بهذه المهمة سوى بندر بن سلطان، أو 'بندر بوش' كما يحلو للصحافة الأمريكية تسميته نظرا لما واظب عليه من تقديم آيات الطاعة للرئيسين جورج بوش الأب والابن خلال 22 سنة من عمله سفيرا للمملكة في واشنطن؟"
وتتابع القدس العربي: "القيادات الفلسطينية، مثل سواها في تاريخ حركات التحرر، ليست كاملة الأوصاف ولا من جنس الملائكة، ولهذا فقد ارتكبت من الأخطاء ما يدركه الفلسطينيون أنفسهم قبل أشقائهم العرب أو أصدقاء قضيتهم في العالم بأسره. غير أن بندر بن سلطان يصعب تماما أن يتنطح لأداء دور الناقد النزيه لأداء تلك القيادات".
"رجل الدبلوماسية"
وفي مقال بعنوان "بندر"، يقول مأمون فندي في جريدة الشرق الأوسط اللندنية: "هكذا، كما في العنوان، عندما تقول الاسم مجردا في 'واشنطن دي سي'، لا يخطر ببال أحد في عاصمة السياسة العالمية إلا شخص واحد هو بندر بن سلطان. وواشنطن، كما كتبت عنها في هذه الصحيفة من عام 2003، أي منذ سبعة عشر عاما، مدينة قاسية لا تنادي أحدا باسمه الأول فقط إلا ما ندر".
ويتابع فندي: "ليس من الحصافة أن يصطاد البعض في حديث الأمير، الذي عمل كثيرا للقضية الفلسطينية… فربما يتذكر جميعنا أنه في فترة توليه منصب سفير السعودية في الولايات المتحدة، رتب لزيارة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز لمزرعة الرئيس جورج دبليو بوش، وعندها عرض الملك عبد الله فيديوهات لبوش توضح مدى الظلم الواقع على الفلسطينيين من قوة الاحتلال الإسرائيلي. كانت زيارة تركت صدى قويا في الولايات المتحدة آنئذ".
ويضيف الكاتب: "في مقالي الذي كتبته هنا عن واشنطن في 2003، قلت إن 'من عالمنا العربي أستطيع أن أحصي ثلاثة أسماء فقط لا داعي لذكرها، تركوا بصمات أو ما زالوا، وذلك لاستخدامهم أدواتهم بمهارة ومعرفتهم ببعض مفاتيح المدينة'. اليوم أقول إن الثلاثة هم: أنور السادات، والملك حسين، وبندر بن سلطان".
وعلى نفس المنوال، تقول هيلة المشوح في جريدة عكاظ السعودية: "قالوا إن تصريحاته في هذا الوقت تمهيد للتطبيع مع دولة إسرائيل. وقالوا إنها حالة تمنن بعد عطاء عقود، وقالوا أيضا إن تصريحاته شيطنة لأصحاب القضية، ولكن الأمير بندر بن سلطان في واقع الأمر لم يجلب تصريحاته من جعبته السياسية المتخمة بالمعلومات فحسب، بل وثّقها بشهادات وأشخاص ووثائق رسمية".
وتتابع هيلة: "رجل الدبلوماسية الأمير بندر بن سلطان لم يكن حديثه حديثا عابرا حتى إن كان موجها لأبناء وبنات وطنه، بل كان عابرا للحدود والآفاق في تأثيره وتفاعل الشعوب العربية بقوته ووقع هذه الشخصية الآسرة ذات التاريخ العريق المليء بالأحداث والمواقف السياسية، فهو واحد ممن حملوا على عاتقهم هم القضية الفلسطينية وإيجاد حلول لها بحكم قربه وعلاقاته مع صناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية".
bbc