رامي مهداوي
2020-10-17
قرأت الأسبوع الماضي عدداً من المقالات لشخصيات أكاديمية، سياسية، ومؤسسي عدد من مؤسسات المجتمع المدني، مصادفةً يجمع بينهم عناصر مشتركة أهمها: أن لهم عددا من المواقع المختلفة مثل الكرسي الدوار بأدوار مختلفة، أيضاً يكتبون بصيغة ما يجب أن يقوم به الشعب، هم جزء إما من الماضي أو الحاضر في منظومة النظام السياسي الفلسطيني.
أخطر ما في الموضوع بأنهم لم ينظروا الى أنفسهم بأنهم جزء مراحل مختلفة بأدواتهم المتنوعة أوصلونا الى ما وصلنا إليه، والآن يطلبون من الشعب الصمود أو/و تشجيعه بالانخراط في الانتخابات!! لا أعرف إن كانوا يعرفون بأن الشعب صامد قبل أوسلو وبعده، قبل الانتفاضة الأولى وبعدها، صامد في كافة مواقع تواجده في القرى الفلسطينية بشكل يومي يقاتل أبناء كل قرية وحدهم، وفي كل مخيم فلسطيني هناك لاجئون صامدون، وفي القدس هناك صمود متنوع من قبل أهلها لحماية ما تبقى من حجارتها، حتى فلسطينيو الداخل هم صامدون بمعاركهم اليومية من أم الفحم حتى يافا والناصرة والمثلث...
كنت أتوقع منهم _المفكر، القائد، السياسي، مدير المؤسسة_ عند كتابة تلك المقالات، أن يتحدثوا عن واقع تجربتهم فيما دعوا له، عند طلبك من الشعب ممارسة الديمقراطية عليك معرفة كيف مارستها وتمارسها في المواقع التي كنت وربما مازلت متواجدا بها، عندما تطلب وقف المفاوضات التي هي مجمدة بطبيعة الحال، لماذا لا تذكر لنا نتائج البرامج والمشاريع التي قمتم بتنفيذها من حيث نتائجها بالمفاهيم التفاوضية والسلمية والوسطية والحوارية، أن تذكر لنا متى ستعطي فرصة لتجديد الدماء داخل مؤسستك، حزبك، جامعتك.
من هو جزء من مرحلة مهما كانت نسبة تدخله بها، عليه أن لا يقوم بتدمير روح ومعنويات وآمال الأجيال القادمة بانهزاميته، فشلك وفشل الآخرين بتجاربهم يجب أن لا يُسحب على من لم يخض التجربة بعد، بل على العكس كلياً، أنتم تتحملون مسؤولية إعداد الكوادر والتنشئة الوطنية وبناء الأجيال في مختلف المواقع؛ وهذا لم تقوموا به من حيث الممارسة واكتفيتم بالشعارات والندوات من أجل تجنيد الأموال للمشاريع!!
من يقرأ تلك المقالات يعتقد للوهلة الأولى بأنها الوصفة السحرية لعلاج واقعنا الذين أوصلونا إليه، لكن عندما تتمعن بالكلمات والمصطلحات والمفاهيم تجدهم أنفسهم من كانوا يروجون لها ولم يمارسوها، والأخطر ظهورهم بمظهر المُخلص برؤياهم عند كل منعطف تتعرض له قضيتنا.
بالتأكيد لكل شخص حق التعبير عن رأيه، لكن من حقي أنا القارئ مقارنة الكلمات من حيث ممارستها عبر الزمن، وكيف يقود صاحب الكلمات خارج إطار المقال الفعل والممارسة وليس الاختفاء وراء المُسميات والمناصب التي جاءت وليدة للحالة التي كفر بها.