كتبت اميرة سلامة
تلقي الانتخابات الرئاسية الأمريكية بتأثيراتها على الأحداث العالمية كافة مرة كل أربع سنوات. وتهيمن وقائعها واتجاهاتها على مختلف وسائل الإعلام، وتلعب شخصية الرئيس الجديد وتوجهاته وانتمائه الحزبي دور كبير في التأثير في كثير من علاقات الولايات المتحدة الدولية، ووجودها في الخارج من عقد اتفاقيات السلام والتعاون وحل النزاعات، إلى شن الحروب.
ولا شك أن انتخابات عام 2020 ستشهد تحولاتٍ عميقةً في الحياة السياسية الأميركية؛ فقد فرض تفشّي فيروس كورونا المستجد ركودًا اقتصاديًا غير متوقع ألقى بظلاله على السباق الرئاسي وغيّر مساره. فقبل تفشي الفيروس، كانت التوقعات تُظهر أن الرئيس الحالي ترامب سيتوجه نحو ولاية ثانية بأدنى معدل بطالة تاريخيًا وبمكاسب اقتصادية قوية، وهو ما جعل الاقتصاد ورقة قوية بيده، ولا يمثل مشكلة تذكر في مسار الحملة. لكن ترك فيروس كورونا آثاره القوية على مستقبل تلك الانتخابات وقلل من فرص فوز ترامب، فها هو نائب الرئيس السابق باراك اوباما، جو بايدن، وعكس معظم التوقعات، يصبح المرشح الأقوى للحزب الديمقراطي، وقد حشد الديمقراطيين خلف ترشيحه وأصبح المنافس القوي لترامب، وفي ظل وجود هذا التنافس القوي بين المرشحين البارزين، دونالد ترامب، الذي تسبب في خلق توترات وصراعات عالمية على نحو لم يسبقه فيه أي رئيس آخر، وجو بايدن نائب الرئيس السابق باراك أوباما والساعي للتغيير، تبرز أمامنا سياسات خارجية متناقضة لكل منهما في حال فوز أي منهما في انتخابات الرئاسة القادمة والتي ستجري في نوفمبر 2020 .
فمنذ توليه منصبه في يناير2017 واجه الرئيس ترامب انتقادات واسعة حول سياساته الداخلية والخارجية وطريقة إدارته، التي عملت على تقويض مكانة أمريكا كقوة ليبرالية عالمية، حيث دفعته أيديولوجيته وشخصيته المتقلبة إلى انتهاج أهداف عدائية، فعمد إلى التنصل من المنظمات الدولية التي تهدف إلى تعزيز الديمقراطية والحرية الليبرالية. وبدلا من ذلك سمح لأنظمة تعتبر عدوة للولايات المتحدة مثل الصين بزيادة قوتها ونفوذها في الشؤون العالمية، وهاجم حلفاء واشنطن، ودعم الحكام الشعبويين وأجج النزاعات، بل خلق توترات جديدة، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط؛ وتحديدا مع ايران، الأمر الذي ألحق أضرارا جسيمة بمكانة أمريكا العالمية وتأثيرها في الشؤون الدولية .
في المقابل فمن المتوقع أن تكون طريقة إدارة جو بايدن للسياسة الخارجية متشابهة مع طريقة إدارة أوباما، والتي من المرجح أن تركز معظم اهتمامها على القضايا الداخلية، مع اتخاذ لسياسة خارجية مغايرة تماما عن نهج الإدارة الحالية؛ من خلال العمل على دعم المنظمات الدولية، والعلاقات الشخصية الودية مع قادة العالم، جنبا إلى جنب مع الالتزام المستمر بالإنفاق الدفاعي العالي المستوى واتخاذ موقف حذر تجاه خصوم أمريكا. وعليه، من الواضح أن غالبية السياسة الخارجية المحتملة لرئاسته ستكون مناقضة للعديد من القرارات التي اتخذها ترامب .