تقرير حياة دوابشة
بريطانيا بكبر مساحتها تحوي فقط 6 ألف نوع حيوي في حين تتزاحم في فلسطين حوالي 48 نوعا، وهذه دراسة يؤكدها مركز المعلومات الوطني الفلسطيني- وفا.
وتقول سلطة جودة البيئة في دراسة حول الفكرة ذاتها "إن فلسطين تعد من أكثر بقاع الأرض غنىً بالتنوع الحيوي ومصادره، ويرجع ذلك إلى التباين الكبير في الأنظمة المناخية والتنوع في التضاريس الجغرافية وأنواع التربة".
وتضيف في بيان لمناسبة يوم البيئة العالمي "أن موقع فلسطين الاستراتيجي بين قارات العالم الثلاثة آسيا وأوروبا وأفريقيا جعلها مركزاً للحضارات المتعاقبة ومعبراً رئيساً لهجرات الطيور وموطناً للكثير من الأنواع الحية".
حيث يبلغ عدد الكائنات التي تم وصفها في فلسطين نحو 47000 نوعاً ويعتقد بوجود حوالي 4000 نوعاً آخر لم يتم وصفها.
تحليل بحاجة لتوثيق
ولعل قرية دوما تحظى بحصة الأسد من الأنواع الحيوية كافة، فأين تجد شجرة الدوم (السدرة) ونبتة اللوف والزعتر الفارسي ووردة الغليون؟وأين ستعثر على سماء يحلق فيها الهدهد والنسر والصقر والحجل معا ؟، في الواقع دوما مثال حي لتنوع حيوي يحتاج للمزيد من العناية.
المناخات الثلاثة التي تتمتع بها القرية ربما تكون السبب وراء هذا التنوع الحيوي الفريد فالقرية تقع ضمن ثلاثة مناخات هي مناخ الجبال الوسطى، ومناخ السفوح الشرقية، ومناخ الغور، لذلك كانت هذه الحقيقة الجغرافية التي تحتاج لمزيد من الدراسة والتوثيق السبب الأبرز وراء احتواء براري القرية على العديد من الأحياء النباتية والمائية والحيوانية.
وبالإمكان إحصاء مئات الأنواع من النباتات والأعشاب والأشجار، وعشرات الأنواع من الطيور المقيمة و المهاجرة، ومجموعة من الحيوانات على رأسها الثعلب الفلسطيني الأحمر والوبر والأرنب البري والشيهم "النيص"والغزال والغرير والضبع.
وعن الأفاعي حدث ولا حرج، لدرجة أن ا لأهالي يعتقدون أن كل أنواع أفاعي الدنيا تعيش في براري القرية.
تنوع لا يذهبه أهالي دوما سدا
أهل قرية دوما يستغلون هذا التنوع استغلالا شبه كامل فترى رحلات لقطف نبات العكوب، ورحلات أخرى للبحث عن بيض الشنار (الحجل)، ورحلات أيضا للبحث عن العسل الجبلي.
يروي لنا محمد وهو شاب يهوى براري القرية فيقول " أنا أنتظر موسم العكوب بفارغ الصبر فما من متعة أكبر من متعتي أنا وأصدقائي حين نقطع جبال الرشاش وصولا لمحمية فصايل بحثا عن هذه النبتة يشدنا حب للمغامرات وحب لطعمه الذي يجبرنا على العودة مرة أخرى للبحث".
ويضيف " ليتك ترين الفرحة التي تدخل لقلوبنا حين نبصر بقعة مليئة بالعكوب فنسرع لجنيها مع أن المسافة ليست بالقصيرة ولكنه يؤكد أن لطعم هذه النبتة مفعولا سحريا يهون عليهم المسافة".
وعن موسم بيض الشنار وهو على الأبواب يقول فراس " متعتان، اتصافك بالبراعة التي تجعلك قادرا على العثور على عش الحجل، ومتعة أخرى حين تجد أنها على 11 أو أكثر ".
لا يمضي يوم على سكان القرية إلا وتسمعهم يقولون "متى موسم العكوب أو متى سنذهب للبحث عن الحجل؟ "فلكثرة التنوع الحيوي لا يمضي شهر على القرية إلا ويعطونه اسما شهر الحجل، شهر العكوب، وموسم اللوف، وحصاد الزيتون، وتفتح اللوز، كلها مواسم وشهور لا يمل منها أهل القرية فعندما تذهب لبيت وتسأل عن صاحبته تكاد لا تجدها في البيت ولا مرة فيعلل لك من في البيت غيابها "امي من العكوب للوز للزيتون للخبيزة للعدس وغيره نحن لا نراها داخل البيت طيلة السنة والتي تليها فهي دورة لا تنتهي".
كل نساء دوما خاصة الكبيرات في السن هكذا لا يدخلن بيوتهن إلا وقت هطول المطر.
وللنحل في دوما قصة ثانية حيث يبدأ موسم البحث عن بيوت النحل في الجبال في شهر حزيران ويستمر حيث شهر آب ففراس أحد البارعين في هذه المهمة يقول" في شهر ستة يبدأ الخير ونكون محظوظين ان عثرنا عل بيت في كل عشرة مرات نخرج فيها للبحث وأحيانا لا نجد ".
ويضيف فور ايجادنا الخلية والتي غالبا ما تكون في داخل صخرة يبدأ صديقاي اللذان يرافقاه دائما في هكذا مهمات بالحفر لإخراج الخلية ونكون محظوظين ان وجدنا أنها مازالت تحوي عسلا فأحيانا يترك النحل خليته ويبدأ بالبحث عن مكان آخر لأسباب لا نعرفها" وشهد على عسل دوما محمد شراب في كتابه معجم بلدان فلسطين "دوما مشهورة بجودة سمنها وعسلها".
أهل دوما لا يكتفون عند ذلك فهم يعمدون إلى استخدام النباتات المحيطة بالقرية فمن بعض ما ذكرت فهيمة (60) عام "يستخدم الطيون كدواء للحمى، والشتيل دواء للمغص، والبابونج لوجع البطن، واللوف كمخفف للتوتر، والزعتر لتقوية الذاكرة".
هل من مهتم؟
دوما دائما ما تلفت انتباه السائحين فيوثقون صور نباتاتها في دراساتهم أثناء مرورهم بالقرية ضمن مساراتهم الراجلة، لعل هذا سؤال يطرح نفسه فلم يسبق أن تم العمل على دراسة تبين التنوع الجلي للأحياء في دوما، انه لحقا أمر يستحق الوقف عنده ولو برهة.