تباينت أراء محللين وكتاب في أن نجاح "جو بايدن" مرشح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الأمريكية سيحدث تغييرًا في سياسات بلاده تجاه القضية الفلسطينية، وربما يعرقل خطط منافسه دونالد ترامب، ويؤجل تنفيذ "صفقة القرن".
وفيما يرى باحثون مختصون بالشأن الفلسطيني في أحاديث منفصلة لوكالة "صفا" أن تصريحات "بايدن" لا تعدو أكثر من محاولات لكسب الناخب الأمريكي، وأن المراهنة على تغيير حقيقي باتجاه الحق الفلسطيني وهم وخسارة كمن "يتعلق بقشة". وتتجه أنظار العالم في الثالث من نوفمبر لانطلاق الانتخابات الرئاسية في بلاد العم سام، لمعرفة نتائجها التي قد تجدد واية الريس الحالي أو تفتح الأفق أمام بايدن.
ويعتقد الفلسطينيون أنهم سيكونون الأكثر تضررًا في حال فاز ترامب بجولة رئاسية أخرى.
وانتهج الرئيس ترامب سياسة خارجية متوافقة تمامًا مع المصالح الإسرائيلية، فاعترف في خطوة منفردة أواخر 2017 بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، ونقل سفارة واشنطن إلى القدس، كما أنه أوقف المساعدات للسلطة الفلسطينية.
حيث تخشى الأخيرة من ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية تحت السيادة الإسرائيلية وفق "صفقة القرن".
ويتوقع بعض المحللين أنه إذا دخل بايدن أروقة البيت الأبيض، فسيعمل بطريقة دبلوماسية، الأمر الذي سيكسب المزيد من الوقت للقضية الفلسطينية.
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف يقول إن الرهان على أي من الرؤساء الأمريكيين والسياسة الأمريكية نحو تغيير سياستهم وتوجهاتهم بالنسبة للقضية الفلسطينية يُعدّ خاسرًا.
وتابع الصواف لوكالة "صفا" أن الرئيس الديمقراطي السابق باراك أوباما جلس على كرسي الرئاسة الأمريكية 8 سنوات ولم يُغير شيء؛ ومن قرأ خطابه في جامعة القاهرة يعتقد أن الحل قد وصل؛ إلا أنه زاد الطين بلة ".
وأوضح الكاتب أن صناعة القرار في أمريكا تمر عبر عدة مؤسسات، ويؤثر عليها الرئيس ويلتزم بها، مشيرًا إلى أن كل الرؤساء الأمريكيين لم يكونوا يومًا إلى جانب الحق الفلسطيني، "بل بالعكس؛ هم يتبنون وجهة النظر الإسرائيلية وعلى ذلك تُبنى سياستهم".
ويتهكم الصواف في حال فوز بايدن بالتساؤل: "هل سيعيد السفارة الأمريكية إلى تل أبيب ؟! أم سيلغي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل؟ وأن الجولان أرض عربية؟ أم سيلغي صفقة ترامب؟".
ولفت إلى أن تلك تدخل ضمن المراهنات الخاسرة، قائلاً إن من يتبنى وجهة نظر الإسرائيلية الظالمة للحقوق الفلسطينية لا يمكن أن تكون يومًا إلى جانب الحقوق الفلسطينية".
أما المحلل والمختص في العلاقات الدولية أشرف الغليظ فقال إن تصريحات بايدن لا تتجاوز محاولات لكسب صوت الناخب العربي والمسلم الأمريكي، وترميم صورة ما عاثه منافسه ترامب من نفور من سياسات البيت الأبيض.
ويضيف الغليظ أنه وعلى طوال فترات الرؤساء الأمريكيين السابقين لم تتغير سياسة بلادهم من حيث النهج والرؤى فيما يتعلق بالشعب وقضيته.
ونوه إلى أنه "قد تختلف الأساليب، ولكن تبقى الأجندة والسياسة واحدة وربما تختلف آلية تنفيذ السياسات الداعمة لإسرائيل".
وحول ما يحصل من مراهنة على تغير السياسة الأمريكية نحو القضية الفلسطينية وصفها الباحث الغليظ أنها "كغريق يتعلق بقشة"، مضيفا أنها "إفلاس سياسي" بكل معنى للكلمة.
وتابع: "قيادة السلطة أفرغت القضية الفلسطينية من مضمونها حين رضخت للشروط الأمريكية والإسرائيلية، ووقعوا اتفاقات هزيلة مع إسرائيل بما عجّل تدهور الوضع تجاه مزيدٍ من التدهور والتطبيع العربي".
وأكد أن الحل يكمن بالتوافق الفلسطيني على برامج وطنية نضالية تحررية والتوجه للشعوب العربية والمسلمة.
لكن الباحث في الشأن الفلسطيني من رام الله إياد البرغوثي يرى أن سياسة الولايات المتحدة نحو "إسرائيل" وفلسطين تكاد تكون واحدة، فالحفاظ على علاقة متميزة مع الكيان الاسرائيل تعد مصلحة وهدفًا أمريكيًا لا حياد عنه.
ويرى البرغوثي في حوار مع الشبكة الألمانية للأخبار "DW عربية" قبل أيام أن حكومة الاحتلال أصبحت في ظل حكومة ترامب ولا تريد التفاوض مع السلطة الفلسطينية؛ فهي حصلت على كل ما تريده في ظل تهميش تام لها وأن الخشية باتت من مواصلة ترامب حال فوزه لهذه السياسة.
وأضاف البرغوثي أن ذلك الوضع سيقود إلى استمرار الأزمة المالية للسلطة، وتوسعة المستوطنات على حساب الأراضي الفلسطينية.
من جهته، يرى الباحث في الشأن السياسي الأمريكي نادر الغول أن بايدن بالرغم من موافقه الداعمة لـ "إسرائيل" سيمثل حلاً أفضل للفلسطينيين.
وقال الغول: "أعلن بايدن أنه سيعيد استئناف المساعدات للفلسطينيين، وسيعمل على إعادة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات، إضافة إلى أنه "يؤمن بحل الدولتين".
وبحسب الباحث؛ فإن "بايدن قد يلجأ إلى سياسة تصالحية مع الفلسطينيين، حيث قد يعيد افتتاح مكتب تمثيل منظمة التحرير في واشنطن أغلقه سلفه ترامب".