الرئيسية / مقالات
النخبة عن بعد
تاريخ النشر: السبت 31/10/2020 09:31
النخبة عن بعد
النخبة عن بعد

رامي مهداوي
2020-10-31
كلما شاركت في اللقاءات الفكرية بمختلف أشكالها وأنواعها وخصوصاً، الآن، في ظل جائحة كورونا عبر مختلف تطبيقات التواصل الإلكترونية عن بُعد، أجد أن الحقائق أصبحت بعيدة كل البعد عن طبقة «النخبة»، لهذا وبصراحة أقول، إن نبض الشارع الفلسطيني بمختلف قضاياه وتوجهاته في منطقه لم يصل إلى القيادة السياسية، رجال الأعمال، المثقفين، رجال الدين، قادة الرأي وحتى الأجهزة الأمنية حتى هذه اللحظة غير مستشعرة ليس فقط النار التي تحت الرماد وإنما حالة الكُفر بكل ما هو موجود.
في كافة القضايا التي تواجه مجتمعنا، يشعر المواطن بأنه وحده ولا يثق بأي مسؤول كان، وفي أغلب الأحيان أجد بأن المواطن مُتقدم بخطوات أمام رجال السياسة والمال والأعمال، وأصبح يتعامل مع كل مُنتجاتهم من تصريحات ولقاءات واجتماعات بأنها لا تسمن ولا تغني من جوع، ويعبر عن امتعاضه بشتى الأشكال من الكوميديا السوداء الى عدم الاكتراث وكأن شيئا لم يكن.
ما أريد قوله؛ وجد الشارع الفلسطيني ذاته بأنه وحده في كل المعارك التي تعصف به في مختلف المستويات والقضايا، بالتالي نجد أن أفراد المجتمع يعودون الى المربع الأول لحماية ذاتهم من خلال العائلة والانحياز الى العصبية والقبلية والمناطقية.
ومن زاوية أخرى، اهتمامات المواطن وأولوياته أصبحت تختلف عما يتم طرحه باللقاءات التفاكرية النخبوية المُخملية، الفجوة تكبر بشكل متسارع بين المواطن والقيادات في جميع المجالات، الآن، المواطن يريد لقمة العيش التي تؤمن حليب أطفاله، ومحاسبة كل فاسد اعتدى/ يعتدي على المال العام ومساءلة كل مسؤول إذا ما قام بمهامه المطلوبة منه في موقعه؟!
الوقت وحده هو الذي سيحدد ما ستسفر عنه التأثيرات طويلة المدى لهذه التحولات الجذرية داخل المجتمع الفلسطيني، هل سيكون المواطنون على الرغم من تنوع وسائل الاتصال وكثرتها أقل قدرة على التواصل مع صُناع القرار، وبالتالي سيكونون أقل قدرة على النجاح في داخل المجتمع الفلسطيني واستنهاضه وخصوصاً إذا ما أردنا تجديد الدماء بدماء شابة؟ أم أن المهارات الجديدة التي يتم تطويرها من خلال ساعات من استخدام الهاتف المحمول والرسائل النصية تؤدي إلى قوة فاعلة لتجديد وخلق رؤية وطنية لكافة أبناء الشعب المشتت في هذا العالم، وهذا هو أكثر ذكاء وأكثر تأهيلا للتحدث المتعدد على الصعيد العالمي؟
هل سيكون جيل الألفية الشاب غير مقتنع بالتواصل وجها لوجه مع قياداته، أم أن الأدوات الجديدة المتاحة لهم ستقرب الشارع مع قياداته المتنوعة الممزقة؟ ستقربنا التقنيات من بعضنا البعض كمجتمع، وينتج عنها آراء كثيرة دون حياة عملية بل معزولة وأقل إرضاء؟!
مع تقدم التكنولوجيا بسرعة الضوء وتغير التفاعل البشري بنفس السرعة، قد يكون من المستحيل التنبؤ بالنتائج ما لم يتم الاستماع لهموم المواطن وجهاً لوجه وإحداث تغيير ملموس سريع ونتائج يتم تحقيقها على أرض الواقع وليس شعارات «وطخ» بالسماء.
للتواصل:
mehdawi78@yahoo.com
فيسبوك RamiMehdawiPage
 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017