د. خالد معالي
قبل يومين مر حدث خطير على القضية الفلسطينية، ولم ينتبه له الكثيرون، ومر مرور الكرام، وله انعكاسات خطيرة على مستقبل القضية الفلسطينية، من حيث انه في حالة فوز بايدن على ترمب، فانه من الصعب التراجع عنه.
فقد وقع رئيس الوزراء "الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، والسفير الأميركي "دفيد فريدمان"، يوم الأربعاء 28\10\2020، على مجموعة اتفاقيات تتعلق بالنشاطات العلمية وغيرها داخل المستوطنات في مناطق الضفة الغربية والجولان المحتل، حيث كانت الاتفاقيات الموقعة سابقًا لا تسمح بتنفيذ مثل هذه المشاريع والأبحاث العلمية داخل مناطق حدود 1967.
تكمن خطورة الاتفاقيات الجديدة انه تم تعديل اتفاقيات سابقة تتعلق بالدعم الامريكي والاعتراف بالنشاطات العلمية، وهو ما سيؤدي للاعتراف الأميركي بالمستوطنات أنها شرعية وأنها مناطق إسرائيلية وتتبع دولة الاحتلال – الضم الفعلي- وليس الدولة الفلسطينية لاحقا - هذا ان تحققت كونه لا يوجد مؤشر لذلك.
الاحتلال وامريكا اختارا توقيت ومكان حساس، فترمب بحاجة لاصوات الناخبين واللوبي اليهودي بامريكا، ونتنياهو بحاجة لتحفيف طوق وشدة الحبل حول رقبته بسبب قضايا الفساد، والمكان هو قلب الضفة الغربية، في مستوطنة" اريئيل" التي تفصل شمال الضفة عن جنوبها وتشطرها لنصفين، وفيها الجامعة الاستيطانية الوحيدة بالضفة وتعبر ثاني اكبر المستوطنات.
تحت ضغط القوة والعربدة تفسر امريكا القانون الدولي على هواها ومقاسها، حيث كان فريدمان قد قال منذ أسابيع لصحيفة "يسرائيل هيوم"، إن الإدارة الأميركية ترى بأن المستوطنات لا تتعارض مع القانون الدولي وأنها ستقوم بخطوات تؤكد ذلك.
قد يظن البعض ان الكتابة عن دعم التعليم – المضلل – لا ضير فيه، لكن عندما يتبين انه خدعة وتضليل وتحايل على قرار مجلس الامن رقم 2334 اواخر عام 2016، وفتوى لاهاي لمحكمة العدل الدولية عام 2004، واتفاقية جنيف الرابعة، فان الامور تتضح اكثر بان امريكا تريد ان تنهي القضية الفلسطينية على هواها ومقاسها.
لا احد في العالم لا يحب العلم ودعم العلم، لكن ان يستغل العلم بشكل غير معقول ومقبول، وتدعم جامعة وكليات استيطانية تحت مسمى انها علمية، فهنا المعضلة، فمثلا مستوطنة "اريئيل" تقام فوق اراضي تابعة لمزارعين بسطاء وفقراء من قرى وبلدات سلفيت ووسط الضفة الغربية وفي قلبها، هنا يقع الاشكال، كون الخير لا يمكن ان يبني نفسه على الشر.
توقيع اتفاقية دعم العلم والمشاريع العلمية هو محاولة لتضليل الرأي العام والمجتمع الدولي حول حقيقة الاستيطان باستغلال المعاني الإنسانية وقيم العلم السامية والنبيلة لقهر وسلب شعب وطرده من أرضه.
وتاتي الاتفاقيات الجديدة بعد مصادقة مجلس التعليم العالي في دولة الاحتلال مساء يوم الاربعاء 14/2/2019 على اقامة كلية طب في مستوطنة "اريئيل" شمال سلفيت وسط الضفة الغربية بشكل نهائي.
الاتفاقيات الجديدة بين الاحتلال وامريكا، ليس الهدف منه أنساني بقدر ما هو تثبيت وفرض وقائع الاستيطان على الأرض بالقوة وفرض الامر الواقع، فتجمع مستوطنة "اريئيل" وغيره من التجمعات، تقول سلطات الاحتلال عنه انه سيضم لكيانها ولا انسحاب منه في المفاوضات النهائية المستقبلية والمفترضة، وكأنه لا يوجد في هذا العالم سوى منطق القوة والقوة فقط دون حقوق وعدل وحرية.
تستطيع امريكا والاحتلال ان يفعلا ما يشاءا في الضفة الغربية، تحت عربدة القوة الظالمة، وان يضللا المجتمع الدولي، بما يملكان من قوة قاهرة وظالمة، لكنهما معا لن يستطيعا ان يعاندا سنن الكون وقوانينه، والمجتمع الدولي ليس بهذه السذاجة والغباء، ولكن ان كان للباطل جولة فللحق صولات وجولات، والايام دول، وقضت سنة الله في خلقه ان الظلم لا يدوم، والا خرب الكون منذ زمن، "فاعتبروا يا اولي الابصار".