رامي مهداوي
2020-11-07
الأهم ليس من سيفوز دونالد ترامب أو جو بايدن، الأهم حسب وجهة نظري هو إذا ما قامت القيادة الفلسطينية بوضع الخطط والسيناريوهات المختلفة في كيفية التعامل مع أي نتيجة كانت؟!
الإدارة الأميركية كانت خلال الأربع سنوات الماضية صهيونية أكثر من الإسرائيليين أنفسهم، من خلال سلسلة من الإجراءات التي تم تنفيذها: اعترافها بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، قطع المساعدات المالية عن خزينة السلطة الوطنية الفلسطينية، إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، إعلان ما تم تسميته «صفقة القرن»، نقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس، قطع المساعدات المالية عن «الأونروا»، شرعنة الاستيطان الإسرائيلي، تنفيذ عملية تطبيع لعدة دول عربية مع إسرائيل، منح الاحتلال سيادة أمنية كاملة ما بين البحر والنهر، ورفض أي عودة للاجئين الفلسطينيين الى أرضهم.
لذلك أستغرب من بعض «السياسيين» الذين يراهنون بأن مفتاح الفرج لقضيتنا هو بيد جو بايدن!! والمحزن هو أننا حتى هذه اللحظة لم نتعلم الدرس بأن السياسة الأميركية تجاه قضيتنا واضحة بنسب مختلفة مهما اختلفت الوجوه وبخط أحمر لا يجب تجاوزه مع الحليف الإستراتيجي إسرائيل، وكأننا لم نتعلم من أوباما وقبله كلينتون وغيرهما.
التمنيات بفوز مرشح ما لن تأتي لك بالرغبات التي تريد تحقيقها، لهذا على صانع القرار الفلسطيني وضع عدد من السيناريوهات في العلاقة مع أي إدارة أميركية قادمة، وأقولها هنا بوضوح علينا إعادة التفكير في كيفية دخولنا لمعلب الدبلوماسية معها دون أي خضوع لكن بتقديم أوراق سياسية جديدة تستند على رؤيا وطنية حتى لو كانت جديدة مع مراعاة التغيرات العربية وعلاقتها مع الاحتلال.
عرّضت تصرفات إدارة ترامب حل الدولتين، وقيادة أميركا في صنع السلام العربي الإسرائيلي للخطر وانتكست حقوق الإنسان والحقوق المدنية وحق الفلسطينيين في تقرير المصير، لذلك على المطبخ السياسي الفلسطيني البدء فوراً بخطوات مع أعضاء الكونغرس لاتخاذ خطوات استباقية للحفاظ على قابلية حل الدولتين للحياة المتوافق مع القانون الدولي ورفض الإجراءات التي تقوض هذا الاحتمال، والطلب منهم دعم التشريعات التي تؤكد أهمية حل الدولتين وترفض فكرة ضم الأراضي التي تم الحصول عليها بالقوة. فقد يدمر ذلك قابلية حل الدولتين للحياة ويحرم الأجيال القادمة في المنطقة من فرصة العيش بسلام وكرامة.
تبرر إدارة ترامب وأنصارها نهجهم الجديد تجاه الفلسطينيين على أساس أن الأساليب القديمة تجاه الفلسطينيين لم تكن مجدية، لذا فمن المنطقي تجربة شيء مختلف. ولكن لا يوجد سبب وجيه للاعتقاد بأن التغييرات الأخيرة التي تم إجراؤها في السياسة الأميركية ستؤدي بالقيادة الفلسطينية إلى قبول اتفاق سلام نهائي بهذا الشكل الهزيل، وكل سبب للاعتقاد بأن التخفيضات الكبيرة في المساعدات الإنسانية والأمنية أدى إلى مزيد من معاناة شعبنا. بالتالي علينا أيضاً الطلب من الإدارة الجديدة إعادة المساعدة المالية، بما في ذلك إلى «الأونروا»، إلى مستويات ما قبل السنة المالية 2017.
يمكن للإدارة الأميركية الجديدة أن تخفف الضرر الناجم عن تحرك الإدارة السابقة أحادي الجانب من خلال الإعلان عن أن إنشاء دولة فلسطينية عاصمتها في القدس الشرقية هو أيضا أحد أهداف السياسة الأميركية، قد لا تكون الولايات المتحدة قادرة على حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي طال أمده، لكنها تستطيع ويجب أن تتجنب جعله أسوأ.